قوله: ولو وقف داره مسجدًا وشرط أن يصلي فيه طائفة بعينها دون غيره، فإذا انقرضوا، فعلى عامة المسلمين، فوجهان:
أحدهما: أن شرطه غير متبع، لأن جعل البقعة مسجدًا، كالتحرير، فكيف يختص بجماعة.
والثاني وبه جزم القاضي حسين.
وقال الرافعي: يشبه أن تكون الفتوى به أولى أن يتبع، رعاية لشرط الواقف، فعلى الأول قال في التتمة: يفسد الوقف، لفساد الشرط، وقياس ما ذكرناه عن الإمام: أنه لا يفسد. انتهى كلامه.
وما ذكره في آخر المسألة من أن قياس ما قاله الإمام عدم الإفساد- غريب، فإن الإمام قد صرح به فقال: ومهما فسد الشرط في جعل، فالمذهب الثبوت أن الشرط يلغى وينفذ المسجد، فإن هذه الجهة مشابهة للأعيان، والشرط الفاسد إذا لم يقع على جهة التعليق، لا ينافي نفوذ العتق. هذا لفظه.
ذكر ذلك في أواخر الباب قبيل فرع أوله: إذا علق الرجل عتق عبده.
واعلم أن الإمام قد ذكر طريقة لم يحكها المصنف ولا الرافعي، فإنه جزم بفساد الشرط في تخصيص المسجد لجماعة، وحكى الوجهين فيما إذا شرط ألا يقام فيه إلا شعار طائفة معينة، كالحنفية، أو الشافعية، قال: والمذهب- وهو القياس أيضًا- بطلان الشرط، والقائل بالصحة، قاله على سبيل المصلحة، إذ التنافس بين أرباب المذاهب غير خافٍ، والشرط مردود فصححناه. انتهى ملخصًا. وإلى هذا الكلام الأخير أشار الرافعي بقوله: ويشبه أن تكون الفتوى به أولى، وإن كانت طريقته في فرض الخلاف مخالفة لطريق غيره، كما قدمناه.
قوله: وإن وطئت الموقوفة بشبهة أو مكرهة، أخذ الموقوف عليه المهر، لأنه بدل منفعتها، وهكذا الحكم إذا زوجت، وحكى في الحلية في صورة الشبهة ثلاثة أوجه: أحدها هذا، ولم يبين ما عداه.
قال مجلي في الذخائر: ويحتمل أن يكون الثاني أنه يشترى به عبد، ويكون وقفًا.
والثالث: يكون للواقف، كما جعلنا التزويج إليه على قول.
قلت: ويظهر فيها شيء آخر، إن صح النقل وهو: أن منفعة البضع لا تدخل على وجه، لكونها غير معتادة، كما قلنا في الموصي بمنفعته، وحينئذ فيكون كوقف دابة لاستيفاء بعض منافعها، كالركوب مثلًا وسكت عن الثاني، وصححناه، فإن الباقي