والثاني: إن بلغت الكثرة إلى ثلاثة أضعاف الماء منعت، وإلا فلا، حكاه الصعير- بالصاد والعين المهملتين- في ((نهاية المستفيد في احترازات المهذب)).
والثالث: إن بلغت سبعة أضعاف منعت، وإلا فلا، حكاه هو، وما نقله المحب الطبري شيخ الحجاز في ((شرحه)) للتنبيه.
وفي المسألة وجهان آخران لا يردان على المصنف:
أحدهما: ما اختاره القفال في ((فتاويه)): أن المضر من ذلك هو الكثير، قال: وتعرف الكثرة بالعادة.
والثاني: أن الذي يضر هو الثلث فصاعدًا، حكاه في ((الفتاوى)) المذكورة عن أبي يعقوب الأبيوردي.
واعلم أن الرافعي والنووي وغيرهما قد ذكروا أن المستعمل إذا جمع حتى بلغ قلتين عاد طهورًا على الصحيح، ثم ذكروا- أيضًا- أن الماء إذا ضم إلى ماء مطلق، فبلغ قلتين- أيضًا- كان حكمه حكم الماورد وغيره من المانعات، حتى إذا كان أكثر من الماء ضر، وإن كان أقل قدر مخالفًا للماء وهذا الذي ذكروه في غاية الفساد، فإنه يلزم من كونه يقدر مخالفًا عند اتصاله بالماء الكثير أن يكون كالخل وغيره من المائعات، وحينئذ فلا فائدة في بلوغه قلتين، وكيف يتخيل متخيل أن المستعمل إذا خلط بماء كثير طهور يسلبه الطهورية، وإذا خلط أو بماء جنس حتى بلغ قلتين يجعله طهورًا؟! وقد فرع المصنف حكم هذه المسألة- وهو جعله كالمائع- على القول بأنه إذا خلط بماء مستعمل أو نجس لا يعود طهورًا، وهو تفريع صحيح يندفع به الاعتراض، وكلامه يقتضي نقل ذلك عن الكافي، وعنى به ((الكافي)) للخوارزمي تلميذ البغوي، فإنه ((الكافي)) الذي ينقل عنه، وقد رأيت نسخً من هذا الكتاب، فلم أجد ما قاله مذكورًا فيه، بل ذكر المسألتين على ما فيهما من الإشكال كما ذكرهما غيره، ثم رأيت- أيضًا- ((الكافي)) للإمام أبي عبد الله الزبيري، و ((الكافي)) للإمام أبي الفتح سليم الرازي، و ((الكافي)) للشيخ نصر المقدسي، لاحتمال إرادة شيء من ذلك، فلم أجد المسألة فيهن بالكية.
وإذا لعمت ذلك فينبغي تأويل كلام المصنف على إرادة أصل المسألة، لا الحمل المذكور