يعني: أن كل من له ميقات فمر بغيرهن فإنه يلزمه أن يحرم منه كالمصري يمر بيلملم، والعراقي بنجد؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن". ويستثني من ذلك مَنْ ميقاته الجحفة إذا مر بذي الحليفة فإن الأفضل له أن يحرم من ذي الحليفة؛ لأنه ميقاته صلى الله عليه وسلم، ويجوز له أن يؤخر الإحرام إلى ميقات الجحفة، وهو مذهبنا، خلافاً للجمهور في إيجابهم الإحرام من ذي الحليفة مطلقاً؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام:"ومن أتى عليهن". والمحل محل نظر؛ لأن قوله:"ولمن أتى عليهن". عام يعم مَنْ ميقاته بين يديه وغيره. وقوله:"ولأهل الشام الجحفة" يعم من يمر بميقات آخر أم لا.
ابن حبيب: ولو أراد الشامي والمصري والمغربي أن لا يمروا بالجحفة فلا رخصة لهم في ترك الإحرام من ذي الحليفة. أبو محمد: انظر لم ذلك وهم يحاذون الجحفة؟! وحمل اللخمي قول ابن حبيب على ما إذا لم يحاذ في مروره الجحفة.
واختلف في المدني المريض هل يرخص له في تأخير الإحرام إلى الجحفة؟ فقال مالك في الموازية: لا ينبغي أن يجاوز الميقات فيما يرجو من قوة وليُحْرِم، فإن احتاج [١٧٨/أ] إلي شيء افتدى. وقال أيضاً: لا بأس أن يؤخر إلى الجحفة. اللخمي وغيره: والأول أقيس.
ابن بزيزة: والمشهور الثاني للضرورة.
وقال في الاستذكار: واختلف في مريد الحج والعمرة يجاوز ميقاته إلى ميقات أقرب منه- مثل أن يترك المدني الإحرام من ذي الحليفة ويحرم من الجحفة- فقال مالك: عليه دم. ومن أصحابه من أوجب عليه، ومنهم من أسقطه.