نحو العراقي اليمني. وتعينت ذو الحليفة؛ لأن ما عدا المصري لا يتعداه لميقات له، والظاهر أنه يستغني عن هذه المسألة بقوله: ومن مر من جميعهم بميقات إلى آخره. ولا يقال تلك المسألة لا تدل على من مر بميقات وليس بينه وبين مكة سواه، لأنا نقول: الأمر الأول أعم، والله أعلم.
أما فضل أول الميقات، فلما فيه من المبادرة لفعل الخير، وأما كراهة تقديمه، فهو الذي يحكيه العراقيون عن المذهب من غير تفصيل، وهو ظاهر المدونة. وفي الموازية: ولا بأس أن يحرم من منزله إذا كان قبل الميقات، ما لمي كن منزله قريباً فيكره له ذلك.
الباجي: فوجه رواية العراقيين: أن توقِيْتَه عليه الصلاة والسلام هذه الأماكن للإحرام يمنع تقديمه عليه كميقات الزمان، ووجه ما في الموازية: أن التوقيت إنما هو لمنع مجاوزته لا لمنع تقديمه عليه.
ففرقا في هذه الرواية بني القرب والبعد؛ لأن من أحرم بقرب الميقات لا يقصد إلا مخالفة التوقيت؛ لأنه لم يستدم إحراماً. وأما من أحرم على البعد فإن له غرضا ًفي استدامة الإحرام. ونقل اللخمي عن مالك قولاً بجواز الإحرام قبل الميقات مطلقاً. قال: وحمل الحديث في الإحرام من الميقات أنه تخفيف، فمن فعل فقد زاد خيراً.
فائدة:
حكى شيخنا رحمه الله عن بعض شيوخه أن الإحرام من رابغ من الإحرام أول الميقات، وأنه من أعمال الجحفة ومتصل بها. قال: ودليله اتفاق الناس على ذلك. قال سيدي أبو عبد الله بن الحاج: إنه مكروه، وراءه قبل الجحفة.