للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغسل وهو لا يصح إلا بالنية، وهي لا تصح منها؟ قيل: إنما تشترط النية في صحة الغسل للصلاة، وأما الوطء في حق الزوج فلا؛ لأنه متعبد بذلك فيها، وما كان كذلك من العبادات التي يفعلها المتعبد في غيره لم تفتقر إلى نية كغسل الميت، وغسل الإناء سبعاً من ولوغ الكلب.

قال: وقد قيل: إنما لم ير مالك في رواية العتبية أن يجبرها على الاغتسال من أجل أن الغسل لا يصح إلا بنية، وهي لا تصح منها. وإنما قال في المدونة: يجبرها. مراعاة لمن يقول: إن الغسل يجزئ بغير نية. والتأويل الأول هو الصحيح، انتهى باختصار.

قوله: (بخلاف الجنابة) أي: فلا تجبر على الغسل منها؛ لأن وطء الجنب جائز. وروي عن مالك في الثمانية أنه يجبرها على الاغتسال من الحيض والجنابة.

الثَّانِيَةُ: غَسْلُ جَمِيعِ الْوَجْهِ بِنَقْلِ الْمَاءِ إِلَيْه مَعَ الدَّلْكِ عَلَى الْمَشْهُورِ

قوله: (عَلَى الْمَشْهُورِ) عائدٌ على الدلك فقط، أو على الدلك والنقلِ، وفي الأخير نظر؛ لأنَّ ظاهرَ المذهب أن النقلَ غيرُ مشترطٍ خلافاً لأصبغ وغيرهِ، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله تعالى.

وفي الدلك ثلاثةُ أقوال: الْمَشْهُورِ الوجوبُ، والثاني لابن عبد الحكم بنفيِ وجوبه، والثالثُ أنه واجبٌ– لا لنفسه– بل لتحقيقِ إيصالِ الماءِ، فمتى تحقَّقَ إيصالَ الماءِ لطُولِ مُكْثِه أجزأَه. ورأى بعضُهم أن هذا القولَ راجعٌ إلى القولِ بسقوطِ الدلكِ.

وأما النقلُ فقد قال سحنون في العتبية: أرأيتَ الرجلَ يكون في السَّفَرِ، ولا يَجِدُ الماء [١٧/ب] فيصيبه المطرُ، هل يجوز له أن يَنْصِبَ يديه إلى المطر ويتوضأَ به؟ قال لي: نعم. قلت له: وإن كان جنباً هل يجوز له أن يتجرَّدَ ويتطهر بالمطر؟ فقال: نعم. قلت: وإن لم يكن المطر غزيراً؟ فقال لي: إذا وقع عليه من المطر ما يَبُلُّ به جلده فعليه أن يتجرد ويتطهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>