عمرة، فإن فلس أو مات لم يكن لغرمائه ولا لورثته عليه سبيل، ويختلف إذا كان نذراً أو تطوعاً، والمعروف من المذهب أنه كالأول يسقط ملك صاحبه بالتقليد والإشعار. وقال في إمرأة ساقت هدياً تطوعاً ثم أردفت الحج وأوقفته ونحرته بمنى عن قرانها - أنه يجزئها، ولم يوجبه بالتقليد والأشعار، ولو وجب وسقط ملكها عنه ما صح أن يجزئ عن واجب. انتهى.
وكلامه يقتضي أنه لم يختلف فيما سيق لوصم، وإنما الخلاف في النذر والتطوع، وأن القول بعدم التعيين مخرج من مسألة المرأة لا منصوص.
ابن بشير: وهذا الذي قاله اللخمي ظاهر، إلا أن يقال: إنما أجزأها مراعاة للخلاف، أو لأنها بالإرداف امتنعت من نحره فقد انصرف بالشرع عما قصده به أولا، فوجب أن يجزئ إذا صرف إلى الواجب. انتهى. وفيه نظر. والتظاهر ما قاله اللخمي.
قوله:(فَلَوْ قَلَّدَ هَدْياً سَالِماً ثُمَّ تَعَيَّبَ أَجْزَأَهُ) تصوره ظاهر وهو المشهور ومذهب المدونة. والشاذ لم يجزم به الأبهري، والذي هو منسوب إليه بل قال: إنه القياس. لكن صرح اللخمي بأنه خلاف فقال: وإذا سيق الهدي عن واجب لم تبرأ الذمة إلا ببلوغه لقوله تعالى: (هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ (فإن ضل أو سرق أو هلك أو عطب قبل بلوغه لم يجزأه. واختلف إذا نزل به عيب ثم بلغ محله فقال مالك: ينحره ويجزئه. وقال الأبهري: القياس أنه ألا يجزئه كموته. وقول الأبهري يؤخذ منه أنه لا يجب بالتقليد والإشعار. أو نقول: وإن وجب عنده، تكنه لا يستقل هديا إلا أن يدوم كماله إلى وقت نحره. انتهى. والمراد بالوجوب في قوله: (وقت الوجوب) ليس هو أحد الأحكام الخمسة، بل تعيينه وتمييزه من غيره ليكون هديا، والمراد بالتقليد هنا أعلم منه في الفصل الذي يأتي؛ لأن المراد به هنا إنما هو تعيين الهدي وإخراجه سائراً إلى مكة، ألا ترى أن الغنم يعمها هذا الحكم وهي لا تقلد كما سيأتي.