وَانْفَرَدَ ابْنُ الْجَلابِ بِصِفَتِهِ, وَقَالَ: اخْتَرْتُهَا لِئَلا يَتَكَرَّرَ الْمَسْحُ. وَرُدَّ بِأَنَّ التَّكْرَارَ الْمَكْرُوهَ بِمَاءٍ جَديدٍ ...
صِفَةُ ابنِ الجلاب هي أن يَبْدَأَ بمقدَّمِ رأسِه فيُلْصِقُ أصابعَ يديه بمقدَّم رأسِه, ويرفعُ راحتيه عن فَوْدَيْهِ ويمرُّ بهما إلى قفاه, ثم يرفعُ أصابعَه ويلصِقُ راحتيه بفوديه, ثم يَرُدُّهما كذلك إلى مُقَدَّمِه. قال عبد الوهاب: كان رحمه الله يقول: إنما اخترتُها لئلا يَتكرر المسحُ, وفضيلةُ التكرار تَختص بالغَسل. وَردَّهُ ابنُ القصار بأنَّ ذلك ليس محفوظاً عن مالكٍ وَلا عن أحدٍ مِن أصحابه, وإنما يُكره التكرارُ إذا كان ذلك بماءٍ جديدٍ. انتهي.
وَأَنْ يُكَرِّرِ الْمُغْسُوَل, وَثَلاثاً أَفْضَلُ
الْمَشْهُورِ أن الغسلة الثانيةَ والثالثةَ فضيلةٌ, وهو الذى يُؤخذ مِن كلامه؛ لأنه جعل الثانيةَ فضيلةً بقوله: (وَأَنْ يُكَرِّرَ الْمُغْسُولَ) ثم نَبَّهَ على أن الثلاثةَ أفضلُ مِن الاثنتين بقوله: (وَثَلاثاً أَفْضَلُ) وقيل: كلاهما سنة. وقيل: الثانية سنة, والثالثة فضيلة. والْمَشْهُورِ أن ذلك عام.
وزعم بعضُ الشيوخ أنه لا فضيلةَ في تكرارِ غسلِ الرجلين, قال: لأن المقصودَ مِن غَسلِهما الإنقاءُ؛ لأنهما محلُّ الأقذارِ غالباً, ونحوُه رواه ابنُ حبيب عن مالك, نقله في النوادر.
وما ذكرنا أنه الْمَشْهُورِ هو الذى في الرسالة والجلاب. وقال ابن راشد: وذكر لى بعضُ المشايخ أن الْمَشْهُورِ في الرِّجلين عَدَمُ التحديد. انتهي. وكذلك ذَكَرَ سندٌ أن الْمَشْهُورِ في الرِّجلين انتفاءُ التحديدِ.
وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ
نحوُه في المقدمات, وقال عبد الوهاب واللخمى والمازرى: بَلْ تُمِنعُ. ونَقَلَ سندٌ على المِنعِ اتفاقَ المذهبِ. فوَجْهُ الكراهةِ أنه مِن ناحية السَّرَفِ في الماء, ووجهُ المِنع قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابى الذى سأله عن الوضوء فاراه ثلاثاً فقال له: ((هكذا الوضوءُ فمَنْ زادَ فقد تَعَدَّى [٢٠/ب] وظَلَمَ)). رواه النسائى, ورواه أبو داود بنحوه.