عياض: ويحتمل الوفاق؛ لأن الإشلاء يستعمل في معنيين للإغراء والدعاء، كماأن الزجر يأتي لمعنيين الإغراء والكف. انتهى. وفيه بعد لأنه يلزم عليه عطف الشيء على نفسه؛ إذ على قوله أن الدعاء بمعنى الإشلاء وقول المصنف من قوله:(وَالْمُعَلَّمُ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازِيٍّ) أي أن هذا الرابع أخذ من قول مالك في المدونة: والمعلم من كلب أو بازي، فجمع بين الكلب والبازي في شرط الانزجار وتبع المصنف في قوله أن الرابع مأخوذ من لفظ المدونة.
ابن بشير: والذين في اللخمي أنه منصوص كما قدمته. والاعتراض بأن الطير لا يمكن فيه الانزجار لابن حبيب، والجواز بحمل الزجر على الإشلاء لابن أبي زيد قال: وقد يقال الزجر إشلاء، كما يقال: أزجرت التنور: إذا أوقدته. وقد قال مالك في المدونة فيمن أدرك كلابه تنهش في الصيد ولم تنفذ مقاتله فمات بنفسه قبل أن تمكن ذكاته: إنه يؤكل، ولم يجعل الانزجار شرطاً. وإلى هذا أشار المصنف بقوله:(وَلَوْ غَلَبَتْهُ الْجَوَارِحُ .... إلخ)، وكأن المصنف استبعد قول أبي محمد، ألا ترى إلى قوله:(حَتَّى) وعادته في ذلك أن يشير إلى استبعاد؛ لأن ما قال ابن أبي زيد مخالف لظاهر اللفظ، ويلزمه منه التكرار؛ لأنه عطف فيه الإشلاء على الانزجار وبقي هنا شيء، وهو إن كان المراد بالدعاء في الثالث والرابع "بعد إمساك الصيد" فهو الانزجار، وإن كان المراد "قبل الإرسال" فلا معنى له لأن ذلك تفعله الكلاب بطباعها وعلى هذا فالظاهر أن المراد بالدعاء "بعد الإرسال" و"قبل الإمساك"، وبالانزجار "بعد الإمساك".
عياض: و (البازي) بياء بعد الزاي، وحكى بعضهم "باز" بغير ياء. و (أشلي) بضم الهمزة وشين معجمة ساكنة ومعناه في الكتاب وعند الفقهاء: أُرسل وأُغري، وقال بعض أهل اللغة: إنما الإشلاء الدعاء. وصوب بعضهم الوجهين فيه، والزجر: الكف والإمساك، وهو المشترط في التعليم وذهب بعضهم أيضاً إلى أن الزجر يقع بمعنى الإغراء، فأشار إلى ما قاله ابن أبي زيد.