هذا راجع إلى قوله:(الْمَعْجُوزُ عَنْهُ) وهذا ظاهر؛ لأنه إنما كان يؤكل بالعقر للعجز عن الذكاة، وقوله:(فَالذَّكَاةُ) أي: ذكاة المقدور عليه، فإن توحش هذا بعد أن تأنس أكل بالعقر لرجوعه إلى أصله.
أي: وكذلك لو انحصر المتوحش وأمكن أخذه بغير مشقة، فإنه لا يؤكل إلا بذكاة الإنسي. وفهم من قوله:(بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ) أنه لو أمكن أخذه بمشقة جاز صيده، وهو كقول أصبغ فيمن أُرسل على وكر في شاهق جبل أو في شجرة، وكان لا يصل إليه إلا بأمر يخاف منه العطب، جاز أكله بالصيد. ومن النوادر: وإذا طردت الكلاب الصيد حتى وقع في حفرة ولا مخرج له منها أو انكسرت رجله منها، فتمادت الكلاب فقتلته فلا يؤكل؛ لأنه أسير. محمد: وهذا إذا كان لو تركته الكلاب لقدر بها على أخذه بيده، ولو لجأ إلى غار لا منفذ له أو غَيْضَة فدخلت إليه الكلاب فقتلته لأكل، ولو لجأ إلى جزيرة أحاط بها البحر فأطلق عليه كلابه أو تمادت الكلاب فقتلته، فأما في الجزيرة الصغيرة التي لو اجتهد طالبه لأخذه بيده، ولا يكون له في الماء نجاة، فلا يؤكل، وإن كان له في الماء نجاة أو كانت جزيرة كبيرة يجد الروغان فيها حتى يعجز طالبه- على رجليه أو على فرس- أن يصل إليه بيده إلا بسهم أو كلب، فإنه يؤكل بالصيد.
قال صاحب الجواهر بعد ذكره أن الصيد إذا انحصر بموضع لا يؤكل بالعقر: وينخرط في هذا المسلك أن يرسل على الصيد كلباً ثم كلباً، فيمسكه الأول ثم يقتله الثاني؛