للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَصِيدُ: الْوَحْشُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ الْمَاكُولُ فَلَوْ نَدَّتِ النَّعَمُ فَأَمَّا غَيْرُ الْبَقَرِ فَلا تُؤْكَلُ إِلا بِالذَّكَاةِ، وَكَذَلِك الْبَقَرُ خِلافاً لابْنِ حَبِيبٍ .....

لما فرغ من الكلام على الصائد والمصيد به، أتبعه بالكلام على ما يصاد، ومراده أنه إذا اجتمعت القيود الثلاثة اتفق على جواز أكله بالعقر، ومتى ذهب شيء منها أمكن ألا يفيد فيه العقر اتفاقاً. كما لو أمكن ذبح الصيد وأمكن أن يكون مع خلاف كما في مقابل المأكول، فإنه سيأتي في صيد السباع قولان.

وقوله: (فَلَوْ نَدَّتِ ... إلخ) راجع إلى القيد الأول وهو الوحش؛ يعني إذا ندت الإنسية فإن كانت غير بقر لم تؤكل بالعقر اتفاقاً، وكذلك البقر على المشهور، خلافاً لابن حبيب، وقال ابن حبيب: لأن البقر لها أصل في التوحش يرجع إليه؛ أي: لشبهها ببقر الوحش. ورد بأن الشاة لها أيضاً أصل وهو الظباء. فإن قلت: ففي مسلم: وأصبنا نهب إبل فند منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم شيء منها فاصنعوا به هكذا". وهو يدل على جواز الكل مطلقاً، فالجواب ليس فيه أن السهم قتله، بل حبسه، ونحن نقول به.

وَأَلْزَمَ اللَّخْمِيُّ ابْنَ حَبِيبٍ مِمَّا وَقَعَ فِي مَهْوَاةٍ الْقَوْلَ بِهِ وَفَرَّقَ لِتَحْقِيقِ التَّلَفِ

هذا الإلزام للتونسي وتبعه عليه اللخمي وغيره، ومعناه أن اللخمي ألزم ابن حبيب أن يقول في الإبل والبقر إذا ندت فلم يقدر عليها أن تذكى بالعقر، من قوله في الشاة وغيرها إذا وقعت في مهواة أنها تطعن حيثما أمكن ويكون ذكاة لها. والجامع بينهما العجز عن الوصول إلى الذكاة في المحلين. وفرق صاحب الْمُعْلِم وابن بشير بأن الواقع في مهواة يتحقق تلفه لو ترك، فلعل ابن حبيب أباح ذلك صيانة للأموال، بخلاف النَّادِّ فإنه قد يتأنس ويتحيل على أخذه، ابن عبد السلام: وفيه نظر؛ لأن البعير إذا ند أقوى شبهاً بالوحش مما وقع في مهواة، ولو قيل بالعكس في مثل هذا لكان له وجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>