للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ذلك من شيوخنا ذهبوا إلى أن انتثار الحشوة خروجها من الجوف عند [٢٢٩/ب] شق الجوف، فمجرد شق الجوف ليس بمقتل عند جميعهم، والحشوة إذا انتثرت منه ولم تنقطع عولجت ورُدَّت وخِيطَ الجوف عليها، وهذا مشاهد معلوم فليس نفس انتثارها بمقتل. فكيف وقد ذهب بعض التمأخرين من شيوخنا إلى أن شق الأمعاء إنما يكون مقتلاً إذا كان في أعلاه وحيث يكون ما فيه طعاماً، وذلك المعدة وما قاربها؛ لأنه إذا انشق هناك وانقطع خرج منه الغذاء ولم ينفذ إلى الأعضاء، ولا يتغذى الجسم فيهلك. وأما ما كان أسفل وحيث يكون فيه الثفل فليس بمقتل. وما قاله صحيح مشاهد، وإليه يرجع عندي ما روي عن ابن القاسم وغيره، ولا يكون جميع ما جاء من ذلك خلافاً إذا نزل هذا التنزيل وإن كان ظاهره الخلاف. وأما قرض المصران أو إبانة بعضه من بعض فمقتل لا شك فيه، بخلاف شقه فإنه لا يلتئم بعد انقطاعه بالكلية ويتعذر وصول الغذاء إلى ما بان منه، وتتعطل تلك الأعضاء تحته، ولا يجد الثفل مخرجاً من داخل الجوف فيهلك صاحبه. انتهى.

ابن رشد: وقد كان الشيوخ يختلفون في البهيمة تذبح وهي حية صحيحة في ظاهرها، ثم يوجد كرشها مثقوباً، قال: ولقد أخبرني من أثق به أنها نزلت برجل من الجزارين في ثور فرفع الأمر إلى صاحب الأحكام ابن مكي فشاور في ذلك الفقهاء، فأفتى الفقيه ابن رزق أن أكلها جائز وأن للجزار بيعها إذا بيَّن ذلك، وأفتى ابن حمدين أن أكلها لا يجوزو وأمر أن تطرح في الوادي، فأخذها الأعوان ليذهبوا بها إلى الودي، فسمعت العامة والضعفاء أن الفقيه ابن رزق أجاز أكلها فتغلبوا على الأعوان وأخذوها من أيديهم وتوزعوها فيما بينهم، وذهبوا بها لمكانة الفقيه ابن رزق رحمه الله في نفوسهم من العلم والمعرفة. قال ابن رشد: والذي أفتى به هوا لصواب عندي.

ابن عبد السلام: وقد أخبرني غير واحد مما أثق به أن كثيراً ما يعتري عندهم البقر بعض الأدواء، فيعالج بأني شق ما يقابل الكرش ثم يشق الكرش، فيخرج منه حينئذٍ ريح فيكون ذلك سبب برء الثور أو البقرة من ذلك الداء، فينبغي أن ينظر في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>