للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ تَرَامَتْ يَدُهُ فَأَبَانَ الرَّاسَ وَلَوْ عَمْداَ أُكِلَتْ لأَنَّهُ نَخَعَهَا بَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ. وَكَذَلِكَ يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ بَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ، وَكُرِهَ تَعَمُّدُهُ قَبْلَ مَوْتِهَا، وَكَذَلِكَ سَلْخُهَا وَنَخْعُهَا ....

أي: إذا تمت الذكاة فلا عبرة بما يفعله بعد ذلك، لكن كره مالك ذلك؛ لما فيه من تعذيبها. وحكى ابن نافع أنه كره أكلها إذا نخعها، ولو لم يتعمد، وأما إذا قصد ابتداء إبانة الرأس، فقال ابن القاسم وأصبغ: تؤكل ولو تعمد ذلك أولاً. وقال ابن الماجشون ومطرف: لا تؤكل. وتأول على المدونة القولين، ونصها: ومن ذبح فترامت يده إلى أن أبان الرأس أكلت إن لم يتعمد ذلك. والبحث فيه قريب ممن أمر بمسح رأسه فغسله.

وَذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ إِنْ كَانَ كَامِلاً بشَعْرٍ، وَإِنْ خَرَجَ حَيّاً فَمَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ إِلا أَنْ يُبَادَرَ فَيَفُوتَ فَقَوْلانِ ...

يعني: أن الجنين لا يفتقر إلى ذكاة مستقلة، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" رواه أبو داود. وخالفنا أبو حنيفة فرأى أن الجنين يفتقر إلى ذكاة مستقلة. واحتج أصحابنا عليه بهذا الحديث، فإن إخباره صلى الله عليه وسلم عن ذكاة الجنين بذكاة أمه يؤخذ منه ما ذكرناه. فإن قيل: لا نسلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: "ذكاة أمه" خبر بل الخبر محذوف والتقدير: مثل ذكاة أمه، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. قيل: الحذف خلاف الأصلن فإن قيل: يعضده رواية من روى "ذكاةَ أمِّهِ" بالنصب؛ إذ التقدير: أن يذكي ذكاةٌ مثلَ ذكاة أمه، ثم حذف "مثل" وما قبله، وأقيم مقامه المضاف إليه. قيل: هذا مردود.

أما أولاً: فلأن بعضهم أنكر رواية النصب، وجعل الروايات متفقة على الرفع.

وأما ثانياً: فلا نسلم هذا التقدير الذي قدرتموه؛ لأن فيه حذف الموصول وبعض صلته، وهو "أن" والفعل بعدها وذلك لا يجوز، وإنما النصب على إسقاط حرف الجر

<<  <  ج: ص:  >  >>