وهو "في" كما رواه مالك عن ابن المسيب أنه كان يقول: ذكاة ما في بطن الذبيحة ذكاة أمه إذا كان قد تم خلقه ونبت شعره. أو الباء ويكون التقدير: ذكاة الجنين حاصلة بذكاة أمه. ولا شك أن هذا أولى من تقدير الخصم لقلة الإضمار. وكان هذا هو السبب المقتضي لعدل المصنف عن لفظ الحديث، وكأنه أشار إلى تقديره، والله أعلم.
وقوله:(إِنْ كَانَ كَامِلاً بشَعْرٍ) قال أهل المذهب: لابد من اجتماع تمام الخلق ونبات الشعر، ولا يكفي أحدهما. وفسر الباجي تمام الخلق بكمال خلقه، أما لو خلق ناقص يد أو رجل وتم خلقه على ذلك لم يمنع ما نقص منه من ذكاته. قال في الاستذكار: وروي قول مالك عن جماعة منهم علي، وابن عمر، وابن المسيب، وابن شهاب، ومجاهد، وطاوس، والحسن، وقتادة: أنه إذا تم خلقه ونبت شعره أكل، وإن لم يتم خلقه لم يؤكل. وقال [٢٣٠/أ] عبد الله بن كعب بن مالك: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: إذا نبت شعر الجنين فذكاته ذكاة أمه.
وقوله:(فإن خَرَجَ حَيّاً فَمَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ) ظاهره لأنه قد استقل بحكم نفسه، وأما إذا بودر ففات فالقول بمنع أكله نقله ابن بشير وابن شاس، ونقله ابن عبد الغفور عن ابن كنانة إذا كان مثله لا يعيش لو ترك. قال: ونحوه عن ابن القاسم. ونقله الباجي عن يحيى ابن سعيد، والمنقول عن مالك: أن ذكاة مثل هذا مستحبة، وهو قريب من الإباحة. حكى ابن المواز عن مالك: إن سبقه كره أكله. ونحوه في المبسوط.
فرع:
وأما إن ألقته الشاة أو نحوها حيّاً فنص مالك وابن كنانة وأصبغ وابن حبيب على أنه إن كان مثله يحيا أكل بالذكاة، وإن كان مثله لا يعيش أو شك في حياته لم يؤكل وإن ذكى؛ لأن موته يحتمل أن يكون من الإزلاق.