للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَذْيُ مِثْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ

أي: فيتعين له الماءُ؛ لأَمْرِه صلى الله عليه وسلم بغسل الذَّكَرِ منه- خرجه في الصحيحين- وعليه حَمَلَ العراقيون قولَ الإمامِ: والمذي عندنا أشدُّ مِن الودي. لا على ما حَمَلَه المغاربةُ مِن أنه يَجِبُ منه غَسلُ جميعِ الذَّكر.

ووجهُ الشاذِّ أنه خارجٌ يَنقض الوضوءَ، فجاز الاستجمارُ منه كسائِرِ الأَحْداثِ.

وَفِي مَغْسُولِهِ قَوْلانِ تَحْتَمِلُهُمَا: جَمِيعُ الذِّكْرِ لِلْمَغَارِبَةِ، فَفِي النِّيَّةِ قَوْلانِ، وَمَوْضِعُ الأَذَى لِغَيْرِهمْ فَلا نِيَّةَ ....

الضمير في (مغسلوه) [٢٢/ أ] يَعود على صاحبِ المذي، يَدُلُّ عليه السياقُ، ويَجوز أن يعود على المذي، أي: وفي المغسول له أو من أجله. وفي هذا الثاني نظر.

ووجهُ احتمال المدونة للقولين؛ لأنه قال فيها: والمذي عندنا أشدُّ من الودي؛ لأن الفرجَ يُغسل عندنا من المذي، والوديُ عندنا بمنزلة البول.

فقوله: (مع غسل الفرج) يحتمل أن يريد جميعَ الفرج أو بعضَه، وهو محلُّ الأذى منه، فهذا وجهُ احتمالِها للقولين. فإن قلتَ على احتمالِ غسلِ محلِّ الأذى فهو مساوٍ للودي في ذلك، فما وجهُ الأَشَدِّيَّةِ؟ فجوابه أن الودي يُجزئ فيه الاستجمارُ بخلاف المذي. والاحتمالُ الأولُ أظهرُ لحَمْلِ اللفظِ على حقيقتِه؛ ولأنه وقع في بعض نُسَخِ التهذيبِ: مع غَسل الذَّكَرِ كُلِّه. وهي على هذا لا تَحتمل إلا الاحتمالَ الأولَ، لكن قال أبو إبراهيم: ليس في الأمهات لفظة (كله) ونقلها بعضُ الشيوخِ، وأنكرها البغداديون. وبنى ابنُ بشير القولين على اختلافِ الأصوليين في الأَخْذِ بأوائلِ الأسماء أو بأواخرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَه بغَسْلِ الفرجِ، والفرجُ له أولٌ وآخرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>