لما قدّم أنه يُشترط أن يكون معتاداً فى الوقت ذَكَرَ هذا لمخالفته لما تقدم. وظاهرُه أن المازريَّ هو المخالفَ, وليس كذلك. وإنما قال فى شرح التلقين: وقد روى عن مالك ما ظاهرُه تركُ العُذْرِ بالتكرار. ودليلُ الْمَشْهُورِ أن فى إيجابِ الوضوءِ مع التكرارِ حرجٌ, وهو منفىٌّ مِنَ الدِّينِ, ولما وَرَدَ عن عمر رضى الله عنه أنه قال: إنى لأجِدُهُ يَتَحَدَّرُ مِنِّى مثلُ الخُرَيْزَةِ, يعنى فى الصلاة. خرّجه فى الموطأ.
واختُلف على الْمَشْهُورِ فى سببِ السقوطِ, فقال العراقيون: لكونه خَرج على غيرِ وجهِ الصحّة. وقال غيرهم: للحرجِ والمشقة. وهو اختيار ابن محرز.
اعلم أن لعلمائنا فى السَّلَسِ طريقين: طريقُ العراقيين: يُستحب منه الوضوءُ مطلقاً, ولا يُفَرِّقون. وطريقُ المغاربة: يُقسمونه على أربعةِ أقسام وهى التى ذكرها المصنف. أى: وإذا فرَّعْنَا على الْمَشْهُورِ –لا على رواية المازرى- فَلِلْخارجِ [٢٣/ب] أربعةُ أحوالٍ: تارَةً تكون ملازمتُه أكثرَ, وتارةً تَستوي مفارقتُه وملازمتُه, وتارةً تكون مفارقتُه أكثرَ, وتارةً يُلازِم ولا يُفارِق.
فإن كانت ملازمتُه أكثرَ فالوضوءُ مستحبٌ. قال فى التهذيبِ وغيرِه: ما لم يَكن بَرْدٌ أو ضرورةٌ.
وإن تساويا فقولان: بالوجوب, والاستحباب.
ابن راشد: والْمَشْهُورِ لا يجب. ابن هارون: والظاهرُ الوجوبُ؛ لأنه لا حرجَ عليه في التَّرَبُّصِ حتى ينقطعَ فيتوضأ حينئذٍ؛ لأن الفرضَ انقطاعُه في بعضِ وقتِ الصلاةِ.