أما العجز الحسي: فكالصبا، والجنون، والأنوثة، والعمى، والعرج، والمرض، والفقر- أعني العجز عن السلاح، والركوب عند الحاجة إليه، ونفقة الذهاب والإياب- ولا يسقط بالخوف من المتلصصين؛ لأن قتالهم أهم. أبو إسحاق: وقطعة الطريق أحق بالجهاد من الروم.
وأما الموانع الشرعية: فكالرق، ومنع صاحب الدين، ومنع الوالدين. أما الرقيق فليس له جهاد دون أم سيده. وليس لرب الدين المنع بالدين المؤجل ععن الجهاد ولا عن سائر الأسفار، فإن كان يحل في غيبته وكل من يقضيه، وإن كان حالاً ولا يقدر على قضائه فله السفر بغير إذن رب المال. وللوالدين المنع ولا يبلغ الجد والجدة أن يلحقا بهما، وسفر العلم الذي هو فرض عين ليس لهما منعه منه، فإن كان فرض كفاية فليتركه في طاعتهما. ولهما المنع من ركوب البحار والبراري الخطرة للتجارة، وحيث لا خطر لا يجوز لهما المنع. والأب الكافر كالمسلم فيما عدا الجهاد من ذلك. وقال سحنون: وكذلك لهما المنع من الجهاد، إلا أن يعلم أن منعهما ليوهنا الإسلام.
لما ذكر أن القوة شرط في تعيين الجهاد أخذ يفسرها، فذكر فيها قولين. والقول باعتبار العدد لابن القاسم وجمهور الأصحاب. ابن عبد السلام: وهو المعروف. والقول باعتبار الجلد لابن الماجشون، ورواه عن مالك، واختاره ابن حبيب. والأول أقرب إلى ظاهر قوله تعالى: (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ ([الأنفال: ٦٦] الآية. ولم تفرق الآية بين كافر وكافر. وأيضاً فإن الإنسان قد يقاتل من لم يعاينه إلا حين القتال، فكيف يعلم منزلة من لم يخالط في الشجاعة. اللخمي: ولا أراهم يختلفون أنه متى جهل منزلة بعضهم من بعض في القوة أنهم مخاطبون بالعدد. يريد أن هذا الاتفاق مما يقوي القول الأول؛ لأنه إذا حمل اللفظ في هذه الصورة على الحقيقة وجب حمله في سائر الصور على ذلك. ولا يقال