للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن المصنف فسر القوة بالقوة في القول الثاني، لأنه لما قرن القوة الثانية بلفظ الجلد صار كأنه فسر القوة في الآية بالشدة والجلد. والله أعلم.

تنبيه:

يستثنى على المشهور من اعتبار العدد ما إذا لم يؤمن أن يكثر الكفار. الباجي: وأما إذا كان الكفار في بلادهم وحيث يخاف تكاثرهم فإن للعدد اليسير أن يولوا عن مثلهم؛ لأن فرارهم ليس من العدد اليسير.

فَيَحْرُمُ الْفِرَارُ إِلا مُتَحَرِّفاً أَوْ مُتَحَيِّزاً

الفاء جواب شرط مقدر؛ أي: إن حصلت القوة فيحرم الفرار. وهو من الكبائر عند مالك وأصحابه. ابن القاسم: ولا تجوز شهادة من فر من الزحف. ولا يجوز الفرار وإن فر إمامهم؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ([الأنفال: ١٦].

ابن رشد: وهذا ما لم يبلغ عدد المسلمين اثني عشر ألفاً، فإن بلغ اثني عشر ألفاً لم يحل الفرار وإن زاد عدد المشركين على الضعف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لن تغلب اثنا عشر ألفاً من قلة". فإن أكثر أهل العلم خصصوا بهذا الحديث عموم الآية. وروي عن مالك ما يدل على ذلك من مذهبه، وهو قوله للعمري العابد إذ سأله: هل لي سعة في ترك مجاهدة من غيَّر الأحكام وتركها؟ إن كان معك اثنا عشر ألفاً مثلك فلا سعة لك في ذلك. انتهى.

والمتحرف: هو أن يرى من نفسه الانهزام وليس هو مقصده حتى يتبعه العدو [٢٥٨/ ب] فيرجع عليه، وهو من أحد مكائد الحرب.

والتحيز: هو الرجوع إلى الأمير أو جماعة بشرط القرب. مالك: وأما إن بعد الأمير والجيش منه فلا يجوز ذلك. قال صاحب النوادر: وفي الموازية لا يجوز لأحد الانحياز إلا عن خوف بين، وعن جيش مستطيع، أو ضعف من السلطان. وأما عن أمن متناصف

<<  <  ج: ص:  >  >>