وفي الغلبة مطمع فلا، ولا يكون لأمير الجيش ما يكون للسرايا من الانحراف والتولي عنهم، ولهم سعة في أن يثبتوا لقتال أكثر من الضعفين والثلاثة بأضعاف كثيرة وهم يجدون مصرفاً عنهم، فإن علموا أنهم مقتولون إن ثبتوا فأحب إلي أن ينصرفوا إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً، فإن لم يجدوا فلهم أن يقاتلوا حتى يقتلوا، فمن احتسب نفسه على ذلك فهو الشهيد، ومن ثبت حتى قتل ولم يجد مصرفاً فإنه يرجى له فضل الشهادة كما قال عمر. وروي عن مالك الكراهة لذلك. انتهى. واختلف قول مالك في إقدام الرجل على العدد الكثير والجيش الذي يوقن أنه يقتل بشرط أن يؤثر فيهم بالجواز والكراهة. قال في البيان: والصحيح الجواز.
ابن عبد السلام: والظاهر من قوله أن ذلك إنما يسوغ بشرط أن يعلم ذلك الواحد من نفسه من الشجاعة ما يكون عنها نكاية العدو وإن قتل، ويشترط أن يخلص النية لله تعالى لا لإظهار شجاعة، وإن كان كذلك حصل منه إرهاب العدو، وهما إحدى فوائد الجهاد، ولم يكن من إتلاف النفس بغير فائدة.
القولان في المدونة، والأشهر هو الذي رجع إليه مالك ارتكاباً لأخف المفسدتين، لأن الغزو معهم إعانة على جورهم، وترك الغزو معهم خذلان للإسلام.
ابن حبيب: سمعت أهل العلم يقولون لا بأس به وإن لم يوفوا بعهد ولا يضعوا الخمس موضعه.
ابن المواز: ولا يجوز خروج جيش إلا بإذن الإمام. وسهل مالك لمن يجد فرصة من عدو قريب أن ينهضوا إليهم بغير إذن الإمام، ولم يجز ذلك السرية ويحرمهم ما غنموا. سحنون: إلا أن تكون جماعة لا يخاف عليها فلا يحرمهم. يريد: وقد أخطؤوا. قيل: والخلاف في الجهاد مع ولاة الجور إنما هو إذا كان معهم من يقاتل، وإلا فيجب عليهم بالاتفاق.