قال في المدونة: وإذا حرق العدو سفينة للمسلمين فلا بأس أن يطرحوا أنفسهم في البحر؛ لأنهم فروا من موت إلى موت، وهو أحد قولي ربيعة. قال: وإن صبروا فهو أكرم. ومقابل المشهور لابن القاسم في الموازية: أنه لا ينتقل واختاره ابن المواز؛ لأن في انتقاله سبباً لقتل نفسه، وبه قال ربيعة في أحد قوليه.
وقوله:(وَلَوْ رَجَا أَحَدُهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ) أي: فلو رجا النجاة في أحد تلك الأحوال وجب وهو ظاهر، وكذلك عبر ابن بشير بالوجوب. وعبارة المتقدمين في هذه المسألة: فله ذلك.
وسئل ربيعة عن مدينة حاصرها العدو فضعفوا عن قتالهم وليس عندهم ما يكفيهم أيخرجون للقتال، أم يصبرون حتى يموتوا جوعاً؟ قال: بل يخرجون إلى القتال أحب إلي.
ابن سحنون: فلو بلغ بهم الجوع حتى لا يقدروا على القتال، فإن طمعوا في الأسر مفاداة أو نجاة وقد عرف ذلك من العدو، فليخرجوا إليهم، وإن كانوا يقتلونهم فليصبروا للموت جوعاً وعطشاً. التونسي: ولم يبح لهم الخروج، ولعل ذلك أروح لهم.
وقد اختلف في المركب من المسلمين يلقي الروم عليها النار، هل يثقل الرجل نفسه ليغرق؟ وكأنه اعترض عدم جواز الخروج؛ لأن القتل صبراً أهون من الصبر للجوع، وقد يجاب عن هذا بما قاله ابن عبد السلام.
الشافعي: إنه إذا كانت إحدى الطائفين في الحالتين يطول بقاؤه معها أكثر، تعين الانتقال إليها وهو ظاهر؛ لأن حفظ الحياة واجب ما أمكن. وروى أبو الفرج عن مالك: لا حرج على من أظله العدو في البحر أن يلقي نفسه فيه.