اللخمي: وليس بالبين، ولا أرى يلقي بنفسه مع رجاء الأسر؛ لأنه قدم الموت على الحياة مع الأسر، واستشكار اللخمي ظاهر، وهذه الرواية مخالفة لما تقدم، إلا أن يأول أن العدو إذا أسروه لا يبقوه.
يدخل في قوله:(وإِلا جَازَت) صورتان: إذا لم يؤتمن، أو اؤتمن مكرهاً، وكذلك قال ابن بشير.
وفي اللخمي: لا يهرب ولو كان مكرهاً؛ لأن ذلك يؤدي إلى الضرر بالمسلمين والتضييق على من بأيديهم من الأسارى ويرون أن المسلمين لا يوفون بالعهد. وتكلم الأصحاب هنا على ما إذا اؤتمن على نفسه أو مال، والظاهر أن المصنف إنما تكلم على المال؛ لأن ذلك المتبادر من لفظ الأمانة؛ ولقوله:(ويَمْلِكُهُ) فإن الملك لا يكون إلا في المال. واختلف في النفس والمال. فقال سحنون: عليه أن يؤدي أمانته في نفسه وماله. وفي البيان عن المخزومي وابن الماجشون: له أن يهرب ويأخذ من أموالهم ويقتلهم وإن ائتمنوه، فإن أحلفوه فلا حنث عليه؛ لأن أصل يمينه الإكراه.
ونقل ابن عبد السلام وغيره عن مالك: أنه يهرب بنفسه لا بماله، وكذلك نقهل في الكافي عن مالك، وقال: عليه أن يخرج ويكفر عن يمينه إن لم يكره عليها، وإن أكره فلا كفارة عليه، قال: وهو الصحيح. وفرق ابن المواز، فقال: إن كان ذلك بعهد ووعهد فذلك يلزمه، وأما بالطلاق والصدقة فلا يلزمه ولا حنث عليه فيه لأن مكره. وقاله ابن القاسم وزاد: وللأسير أن يسرق من مال العدو [٢٦٠/ أ] ولا يعاملهم بالربا. وقال أشهب: إن دفعوا إليه ثوباً يخيطه فلا يحل له أن يسرق منه؛ لأنه اؤتمن عليه.