القاسم به الذي ينزل بساحتنا تاجراً قبل أن يعطى الأمان، صرح بذلك ابن يونس وغيره. وقال ابن محرز: سمعت من يقول معنى قول مالك أنهم لقوه وقد انفصل من بلده ولم يدخل بلدنا، وأما لو وجوده في بلدهم أو بلدنا لم يقبل قوله، ولم يكن في ذلك إشكال، وعلى هذا فيكون قول ابن القاسم مخالفاً.
ثالثها: إن مفهوم كلام المصنف أن الذمي إذا أخذ ببلد العدو أنه لا يكون من محل الإشكال وليس كذلك كما ذكرنا. ابن يونس: وتحصيلها أنه إن أخذ ببلد الحرب وهو مقبل إلينا وقال: جئت لأطلب الأمان، قيل: يقبل منه ويرد إلى مأمنه، وقيل: لا يقبل منه. وإن أخذ ببلد الإسلام، فقال: جئت للإسلام، فقيل: إن أخذ بقرب دخوله قبل منه ورد إلى مأمنه، وإن أخذ لبعد لم يقبل منه، وليس لمن وجده ويرى فيه الإمام رأيه. وقيل: ذلك سواءُ وهو فيء ويرى الإمام رأيه، ولا خلاف فيمن أتى تاجراً، فيقول: ظننت أنكم لا تعرضوا لمن أتى تاجراً أنه يقبل منه ويرد إلى مأمنه، ولا خلاف أيضاً أنه إذا لم يكن معهم تجارة وتبين كذبهم، أو تكسرت مراكبهم ومعهم السلاح، أو نزلوا للعطش بلا أمان أنهم فيء.
في هذا الكلام نظر؛ لأنه كيف يحكم على أحد المحتملين المتساويين من غير ترجيح، وكأن المصنف- والله أعلم- قصد اختصار كلام ابن بشير؛ لأنه قال: إن علم أنهم أهل حرب حكم فيهم بحكم أهل الحرب، وإن علم أنهم مستأمنون حكم فيهم بحكم المستأمنين، وإن شك فالمذهب على قولين:
أحدهما: أن الأصل إراقة دمهم فمع الشك يرجع إلى الأصل.
والثاني: لا يستبيحهم إلا مع تيقن الإباحة، وإذا شككنا فإراقة الدم لا يقدم عليها مع الشك، قال: وكل ما في المذهب من الروايات فإلى هذا التقسيم يرجع، لكن إذا قلنا: إنهم فيء فهل يقتصر فيهم على الأسر وما ذكر معه دون القتل، أو يجوز قتلهم؟ قولان: