والثاني: جوازه نظراً إلى الأصل في إراقة دمهم. انتهى.
وهذان القولان الأخيران في كلام ابن بشير هما القولان في كلام المصنف، لكن ابن بشير إنما ذكر الخلاف بعد أن ذكر أولاً قولين، والمصنف لم يذكر في المسألة خلافاً ابتداء؛ فلذلك صار كلامه مشكلاً.
كلامه يقتضي حصول الخلاف مع ظن الصدق وظن الكذب ولم أر ذلك، بل صرح اللخمي فيه بنفي الخلاف؛ لأنه قال: إن قام دليل على صدقه كان آمناً ولم يسترق، وإن قام دليل على كذبه لم يقبل قوله وكان رقيقاً. وإن لم يقم دليل على أحدهما فهو موضع الخلاف، فإن قال: جئت رسولاً ومعه مكاتبة، أو جئت لفداء ومعه من يفديه، أو لقريب لي وله قرابة بذلك البلد كان دليلاً على صدقه. وإن قال: جئت أطلب الأمان وقد خرج إليهم عسكر المسلمين فوجد على طريق جيش بلا سلاح كان أمره مشكلاً، وإن لم يكن مقبلاً إلينا ولا على طريقهم لم يصدق. ونحوه لابن يونس، قال: لا خلاف فيمن أتى تاجراً، فيقول: ظننت أنكم لا تتعرضون [٢٦٣/ ب] لمن أتاكم تاجراً أنه يقبل قوله أو يرد إلى مأمنه، ولا خلاف إن لم تكن معهم تجارة وتبين كذبهم أو انكسرت مراكبهم ومعهم السلاح، أو ينزلون للعطش بغير أمان أنهم فيء ويرى الإمام فيهم رأيه من بيع، أو قتل، أو فداء وليسوا لمن وجدهم ولا يخمسون. انتهى.
وكذلك قال ابن راشد وابن عبد السلام: أنهما لم يقفا على مقابل الأصح، زاد ابن عبد السلام: وما وجدت أحداً ممن تكلم على هذه المسألة ممن يعتبر قوله ذكر قولاً بالقتل في محل الإشكال وإذا انتفى القتل في محل الإشكال كان انتفاؤه مع أمارة صدق الرومي أولى، وكلام المصنف يدل على وجود الخلاف في ذلك. انتهى وقد قدمنا من كلام ابن