للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بشير قولاً بالقتل في محل الإشكال، وكذلك ذكر المازري فيه قولين، ثم قال: وهذا الخلاف إذا ادعى أنه طالب للأمان، وأما إن لم يعتذر بعذر فظاهر المذهب أنه يستباح، وكذلك ظاهر المذهب تطرق التهمة إلى من حصل في بلادنا مغلوباً كمن ردته الريح إلينا بخلاف من لقيناه يمشي طائعاً إلينا.

التونسي: وإذا وجد في أسواق المسلمين ومدائنهم لم يقبل قوله؛ لأنه لو كان صادقاً لأخبر بذلك أول دخوله، ولو قال: فلان أعطاني الأمان فأنكر فلان لم يقبل قوله على فلان ورأى فيه الإمام رأيه. وقال أصبغ: إذا أنكر فلان، فالإمام مخير إن شاء أمنه أو رده إلى مأمنه، ولم يعجب محمداً ما قال أصبغ، وقال: إن شاء رأى الإمام فيه رأيه.

وأَمَّا مَنْ نَزَلَ بَأَمَانٍ فَبَاعَ وَرَجَعَ فَرَدَّتْهُ الرِّيحُ قَبْلَ وُصُولِهِ، فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ

يعني: وأما لو نزل حربي بتجارة بأمان فباع واشترى ثم ذهب فردته الريح فهو على أمانه، وظاهر المدونة: أنهم على أمانهم سواء خرجوا من بلاد الإسلام أم لا، رمتهم الريح إلى بلد السلطان الذي أعطاهم الأمان أم لا. ففيها: وإذا نزل تجار بأمان فباعوا وانصرفا فأبينما رمتهم الريح من بلد الإسلام فالأمان لهم ما داموا في تجرهم حتى يردوا بلادهم. ولأصبغ: لهم الأمان إلا أن يفارقوا بلاد الإسلام. وقال ابن المواز: لهم حتى ينالوا مأمنهم من بلدهم. وقال ابن الماجشون: الأمان مقصور على بلد السلطان الذي أمنهم، واختلف الشيوخ في هذا الخلاف، فرأى المازري أن هذا الخلاف كله راجع إلى شيء واحد، وهو ما قصده المؤمن بالتأمين هل قصده العموم أو لا؟ وعلى هذا فمتى تحقق قصد المؤمن العموم فالاتفاق على ذلك، ولعل المصنف ممن سلك هذه الطريقة لعدم تعرضه للخلاف مع شهرته، وحمل ابن يونس ذلك على الخلاف، فإنهقال: تحصيل الخلاف في هذه المسألة؛ قيل: لهم الأمان حتى يصلوا إلى بلادهم، وقيل: حتى يقاربوا مأمنهم. فإن رجعوا بعد بلوغهم إلى مأمنهم بريح غالبة أو مختارين، فقيل: الإمام مخير إن شاء أنزلهم وإن شاء

<<  <  ج: ص:  >  >>