للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى ابن وهب أنه لا يتلف الحيوان لغير مأكلة؛ لعموم نهي الصديق وهذا في غير مراكبهم، وأما مراكبهم فلا خلاف في جواز قتلها وإتلافها بكل ما يجوز به قتل راكبيها. قال المازري: وعلى المشهور فبماذا يتلف الحيوان؟ قال المصريون من أصحاب مالك: تعرقب وتذبح ويجهز عليها. وقال المدنيون: يجهز عليها، وكرهوا أن تعرقب وتذبح. قال ابن حبيب: لأن الذبح مثله، والتعرقب تعذيب.

المازري: واختار بعض أصحابنا الذبح؛ لأنه أروح للحيوان. واستشكل الباجي وغيره قول ابن حبيب: الذبح مثله؛ لأنه مباح فيما نهي عن التمثيل به، وإنما كره- والله أعلم- لأنه قد يكون فيها مثل الخيل ونحوها فيكون وسيلة إلى أكلها وتشكيكاً للعوام في إباحة الأكل، ونزل ابن بشير قول المصريين والمدنيين على أنه خلاف في حال، فإن أمكن أن يحتاج إليه المسلمون لم يتلف عليهم بالإجهاز، وإن لم يحتاجوا إليه أتلف.

قوله: (فَإِنْ كَانُوا مِنْ آكِلِي الْمَيْتَةِ حُرِّقَ الْحَيَوَانُ بَعْدَ قَتْلِهِ) كذا قال جماعة. الباجي، وابن بشير وغيرهما وهو ظاهر، وإن كان ابن القاسم قال: ما سمعت في الدواب أنها تحرق بعد عرقبتها.

فرع: وإذا عجزنا عن حمل النساء والصبيان والشيوخ، فإن كنا تركناهم في بلاد الحرب ثم جاء غيرنا فأخذهم فإنهم لمن أخذهم؛ لأنه لم يملكهم ملكاً تاماً، وأما إن تركناهم في حوز الإسلام فذلك كالإعتاق ولا سبيل لأحد عليهم، نقله ابن حبيب عمن يرضاه، واعترض ابن يونس قوله في الوجه الأول وأشار إلى أنه ينبغي أن يكونوا أحراراً كما في الوجه الثاني، وقال: كيف لم يملكهم ملكاً تاماً وهو له أن يطأ ويبيع ولو أعتق لم يكن له فيه رجوع، وقد قال محمد عن أشهب: فيمن اشترى شيئاً من السبي فعجز عن بعضه فتركه، فدخلت خيل أخرى فأخذته فهو لصاحبه الأول. وقول محمد صواب ما لم يكن رقيقاً أعتقهم فتركهم على العتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>