الباجي: ودليل قول مالك قوله صلى الله عليه وسلم: "يسعى بذمة المسلمين أدناهم". وقال ابن يونس:[٢٦٤/ ب] وأصحابنا يحملون قوله على أنه ليس بخلاف، خلاف ما تأوله عبد الوهاب. انتهى. وبعض من حمل كلام ابن الماجشون على الخلاف رأى أن ابن القاسم، وابن الماجشون لم يختلفا في أن الإمام مخير، وإنما اختلف في صفة التخيير، فابن القاسم يقول: هو مخير بين أن يجيز أو يرده إلى مأمنه، وغيره يقول: هو مخير بين أن يجيز أو يرده فيئاً.
تنبيه: نص ابن حبيب على أنه لا ينبغي التأمين لغير الإمام ابتداءً، وهو خلاف ظاهر كلام المصنف؛ لأن قوله:(وكذلك) يقتضي جواز ذلك ابتداءً، إذ لا خلاف في جوازه للإمام ابتداءً. وظاهر المدونة ككلام المصنف، ففيها: ويجوز أمان المرأة والعبد والصبي إن عقل الأمان. ويحتمل: يجوز إن وقع، وكذلك اختلف في كلام ابن حبيب هل هو موافق للمدونة أو مخالف.
وقوله:(قَبْلَ الْفَتْحِ) يريد ما لم يتعلق للمسلمين حق؛ فقد نص سحنون على أنه إذا أشرف المسلمون على أخذ الحصن وتيقن أخذه، فأمنهم رجل من المسلمين أن للإمام رد تأمينه.
وفِي أَمْنِهِمْ بَعْدَ الْفَتْحِ قَوْلانِ
ظاهر كلام المصنف أن الخلاف عام في حق من أمنه وفي حق غيره، وأنه عام في القتل والاسترقاق وليس كذلك، بل يجوز لمن أمنه قتله اتفاقاً، والخلاف إنما هو في القتل لا في الاسترقاق؛ لأنه صار مملوكاً. والقول بسقوط القتل لابن القاسم، وابن المواز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"يسعى بذمتهم أدناهم". قال سحنون: لا يحل لمن أمنه قتله، وأما الإمام فإن شاء قتله فعل، وإن شاء أمضى أمانه وكان فيئاً. وقوله:(وفِي أَمْنِهِمْ) يحتمل أن يكون من إضافة المصدر إلى الفاعل؛ أي: وفي أمن المسلمين للعدو. ويحتمل أن يكون مضافاً للمفعول؛ أي: وفي أمن الكفار. والمعنى سواء، والظاهر أن تقديره: وفي