والثالث لابن وهب، نقله اللخمي وغيره. والقول الرابع لابن الجهم، وذكر الباجي أن ابن القصار نقل هذا القول عن مالك، وظاهر كلام المصنف: أن المذهب خلاف قول ابن الجهم، وأن في المذهب أربعة أقوال، وأن المشهور على إطلاقه، وعلى هذا الظاهر مشاه ابن راشد، وابن عبد السلام. وذكر المازري أن ظاهر المذهب كما شهره المصنف قال: وحكى المصنفون لمسائل الخلاف من أصحابنا وغيرهم أن مذهب مالك أنها تقبل إلا من كفار قريش، ونقل صاحب المقدمات الإجماع على أن كفار قريش لا تؤخذ منهم الجزية، وذكر أن ابن الجهم نقل الإجماع أيضاً، وكذلك مقتضى كلام المصنف أن المشهور أخذها من عبدة الأوثان. وذكر ابن عطية في تفسيره أن المنصوص في الوثني من العرب عدم أخذها منهم، وأنهم يقاتلون إلا أن يسلموا. قال: ويؤخذ مما في الخلاف أنها تؤخذ منهم احتمالاً لا نصاً. خليل: وفيه نظر، فإنه نص في الجلاب على أنها تؤخذم ن الوثني، وكذلك صاحب الكافي، وابن بشير وغيرهم؛ واختلف في تعليل عدم أخذها من كفار قريش، فعلله ابن الجهم بأنها لم تؤخذ منهم إكراماً لهم لمكانهم من النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تؤخذ على وجه الصغار والذلة. وعلله القزويني بأن قريشاً أسلموا كلهم، فإن وجد منهم كافر فهو مرتد فلا تؤخذ منه.
المازري: وإن ثبتت الردة فلا يختلف في عدم أخذها منهم، وحكى الباجي والمازري عن ابن وهب أنه منع قبولها من العرب مطلقاً، فإن صح أنه اختلف قوله في ذلك، صار في المسألة خمسة أقوال، ومنشأ الخلاف النظر إلى قوله تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ([التوبة: ٢٩] هل هو كالشرط فلا تقبل من غيرهم، أو لا فتقبل؟
فائدة: يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: "سنوا فيهم سنة أهل الكتاب". أن المجوس ليسوا أهل كتاب.
ابن بشير: ولا خلاف أنهم الآن ليس لهم كتاب، واختلف هل كان لهم كتاب فرفع أم لا؟