للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتَلْزَمُ بِالنُّفْلَةِ إِلَى مَوْضِعٍ لا يُمْتَنَعُ فِيهِ عَنْهَا

يعني: أن من تمام كون الذمي من أهل الجزية أن يكون حيث تناله أحكامنا، ولا يمكن حيث يمكن أن ينقض العهد، فإن أبوا من الانتقال قوتلوا ولم يتركوا.

ولا تُؤْخَذُ إِلا مِنْ ذَكَرٍ حُرٍّ عَاقِلٍ بَالِغٍ مُخَالِطٍ، ولا تُؤْخَذُ مِنِ امْرَآَةٍ ولا عَبْدٍ ولا مَجْنُونٍ ولا صَغِيرٍ ولا رَاهِبٍ، وفِيمَنْ تَرَهَّبَ بَعْدَ عَقْدِهَا قَوْلانِ.

حاصله: أنها لا تؤخذ إلا ممن اجتمعت فيه خمسة شروط، وتصور كلامه ظاهر. وقوله: (رَاهِبٍ) أي: راهب الصوامع [٢٦٥/ ب] والديارات. وأما راهب الكنيسة فتؤخذ منه؛ لأنه يقتل، والأصل في هذا قوله تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ([التوبة: ٢٩] والضمير عائد على المقاتلي، وهؤلاء الخمسة لا يقاتلون.

أبو حنيفة: وتؤخذ منهم الجزية أول الحول حين العقد. وقال الشافعي: بل في آخره.

الباجي: ولم أر في ذلك نصاً لأصحابنا، والذي ظهر لي من مقاصدهم أنها تؤخذ آخره وهو الصحيح إن شاء الله تعالى؛ لأنها حق يتعلق وجوبه بالحول فوجب أن تؤخذ في آخره كالزكاة. قال صاحب المقدمات: ونقل عن بعض الأصحاب أنه قصرها على جزية العنوة، ورأى أن الصحيح في الصلح أن تؤخذ معجلة؛ لأنها عوض عن تأمينهم وحقن دمائهم، ورده عليه ورأى أنه لا فرق في ذلك.

وقوله: (وفِيمَنْ تَرَهَّبَ بَعْدَ عَقْدِهَا قَوْلانِ) القول الأول بعدم زوالها بالترهيب نقله اللخمي عن مطرف، وابن الماجشون. والقول بالسقوط نسبه في البيان لابن القاسم، ووجهه أن الحكم في الأصل دائر مع الرهبانية وجوداً وعدماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>