واحترز (بالْعِصْيَانِ) مِن السفرِ المباحِ إذا عصَى فيه. ونفيُه الترخصَ يحتمل عمومَ نفيِ الترخصِ، ويحتمل أن يريد نَفْيَ الرخصةِ بالنسبة إلى التيممِ خاصَّةً، وهو الأظهرُ؛ لأنه يَذكر حكمَ غيرِ التيمم في موضعه. ويُستثنى على الأَوَّلِ جوازُ أَكْلِ الميتةِ، فإنه جائزٌ للعاصي على المشهور ارتكاباً لأخف المفسدتين؛ لأنه لو يأكل لَلَزِمَ فواتُ النَّفْسِ.
ابن عبد السلام: والحقُّ أنه لا يَنْتَفِي مِن الرُّخَصِ بسببِ العصيانِ بالسَّفَرِ إلا رخصةٌ يَظْهَرُ أثرُها في السَّفَرِ دُونَ الحَضَرِ كالقَصْرِ والفِطْرِ. وأما رخصةٌ لا يَظهر أثرُها في السفر والإقامة كالتيممِ ومسحِ الخفين – فلا يُمْنَعُ المسافرُ منها.
لما قَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ التيممِ تعذرُ الماءِ – أَخَذَ يُبين ذلك التعذرَ، أي يتعذر استعمال الماء بوجهين: أحدُهما: عدمُه جملةً، والثاني: ما يتنزل منزلةَ عدمِه.
ابن عبد السلام: ويُقال لغةً: تَعَذَّرَ عليه الأمرُ إذا عَسُرَ، وبعضُ المتأخرين يَستعمل التعذرَ فيما لا يَتأتى وقوعُه أصلاً، والمتعَسِّرَ فيما يَقَعُ بمشقةٍ، وربما قابل أحدَهما بالآخَرِ، فيقول: متعذرٌ أو متعسرٌ. وهو قريبٌ مِن استعمالِ المصنفِ.