ابنُ عبد السلام: يَدْخُلُ في هذا الظانُّ، والشاكُّ، والمتوهِّمُ وينبغي أن يَختلف حكمُ الطَّلَبِ في حقِّهم، فليس مَنْ ظَنَّ العَدَمَ كمَنْ شَكَّ، ولا الشاكُّ كالمتوَهِّمِ. انتهى.
وقال ابن شاس، وابن عطاء الله: لعادمِ الماءِ ثلاثةُ أحوالٍ: الحالةُ الأولى: أن يتحققَ عَدَمَ الماءِ حواليه فيتيممُ مِن غيرِ طَلَبٍ. الحالة الثانية: أن يتوهم وجوده حواليه فليتردد إلى حدٍّ لا يَدخل عليه فيه ضررٌ ولا مشقةٌ، ولا يُحَدُّ ذلك بحَدٍّ؛ إِذِ الشابُّ ليس كالمرأةِ، وقال أبو حنيفة: لا يَحتاجُ إلى طَلَبٍ، فإن كان عادِماً ولم يَعْلَمْ ماءً جاز له التيممُ. ودليلُنا الآيةُ كما سنذكرُه. الحالة الثالثة: أن يَعتقد وجودَ الماءِ في حدِّ القُرْبِ فيلزمُه السعيُ؛ لقوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا}(المائدة: ٦) وإنما يُقال: لم يجد، لمن طَلَبَ، وحَدُّ القرب ما لم يَنْتَهِ إلى المشقةِ، أو خوفِ فواتِ الأصحابِ.
ورُوي عن مالك أن مِن الناسِ مَن يَشُقُّ عليه نِصْفُ المِيلِ. وقال سحنون: لا يَعْدِلُ للمِيلَيْنِ وإِنْ كان آمناً. انتهى.
تنبيه:
مقتضى كلامِ ابنِ رُشْدٍ أنَّ المتوَهِّمَ لا يَطْلُبُ؛ لأنه فَسَّرَ تحققَ العَدَمِ بِظنِّه، ولا شك أنه إذا ظَنَّ العدمَ كان وجودُه متوَهَّماً، وهو خلافُ كلامِ هؤلاءِ، وعلى هذا فالأَوْلَى أَنْ يَبْقَى التحقيقُ أَوَّلاً على بابه.
قال مالك: إن كان أهلُ الرفقةِ يَبخلون بالماء لقِلَّتِه معهم – جاز له أن يَتيمم بلا سؤالٍ، وإن لم يكونوا كذلك، وكانت الرفقةُ كثيرةً – لم يَكُنْ عليه أن يسألَهم. قال مالك: لم