ابن راشد: وأَفْرَدَهُ تنبيهاً على محلِّ الدليلِ. روى ابنُ وهب في المدونةِ أن رجلاً في غزوةِ خيبرَ أصابه جُدَرِيٌّ، وأصابَتْه جنابةٌ، فغسله أصحابُه، فَتَهَرَّأَ لحمُه فماتَ. فَذُكِرَ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:"قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيه أَنْ يُيَمِّمُوهُ بالصعيدِ" انتهى. رواه أبو داود والدارقطني، وفي أبي داود بعد قوله:"قتلَهم الله، أَلاَ سَأَلُوا إِذْ لم يَعْلَمُوا؟ إِنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ السؤالُ، إِنَّما كان يَكفيه أن يَتيممَ أو يَعْصِبَ– شك موسى– على جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثم يَمْسَحُ عليها، ويَغْسِلُ سَائِرَ جَسَدِه".
الشَّجَّةُ مخصوصةٌ بالرأسِ، والجرحُ يُطلقُ على الرَّاسِ وغيرِه مِن الجسدِ، فاستعمالُ المصنفِ الشجةَ في غيرِ الرأسِ بطريقِ التجوزِ. ومقتضى كلامِه أنه لو بقي الأقلُّ من جسدِه صحيحاً– مما فَوْقَ اليَدِ والرِّجْلِ– لزمَه استعمالُ المالِ لتقييدِه باليَدِ والرِّجْلِ. واعلمْ أن لهذه المسألةِ– اعني ما إذا كان أكثرُ جَسَدِه جريحاً– صورتين:
إحداهما: أن لا يَصِلَ إلى غسلِ الصحيحِ إلا بضَرَرٍ يَلْحَقُ الجريحَ، فهذا يتيممُ. وإِنْ كان الأقلُّ متميزاً أو يُمكنُه غسلُه بدونِ ضررٍ يَلْحَقُ الجريحَ– غَسَلَهُ ومَسَحَ الجريحَ، إلا أن يَقِلَّ كاليّدِ والرِّجْلِ. وقولُ ابنِ الجلابِ: ومَن كانتْ به جراحٌ في أكثرِ جسدِه وهو جنبٌ، أو في أعضاءِ وضوئِه وهو مُحْدِثٌ– تَيَمَّمَ. إِنْ عَنَى به أن الأكثرَ متفرقٌ في الجَسَدِ، فهذا موافقٌ لمذهب المدونةِ، وإلا فهو مخالفٌ. قاله سَنَدٌ.
خليل: ويتحققُ هذا بذِكْرِ لفظِ المدونةِ، ونصُّها: قلتُ: أرأيتَ الذي كَثُرَتْ جراحاتُه في جسدِه حتى أَتَتْ على أكثرِ جسدِه، كيف يُصَلِّي في قولِ مالكٍ؟ قال: هو بمنزلةِ المجدورِ والمحصوبِ إذا خافا على أنفسِهما وقد أصابتهما جنابةٌ أنهما يتيممان لكِّل صلاةٍ. قُلْتُ: فإن