كان بعضُ جسدِه صحيحاً ليس فيه جراحٌ، وأكثرُ جسدِه فيه الجراحُ؟ قال: يَغْسِلُ ما صَحَّ مِن جسدِه، ويمسحُ على موضعِ الجراحِ. قلتُ: هذا قولُ مالكِ؟ قال: نعَمْ.
وإنما عَدَلْتُ عن لفظِ التهذيبِ هنا؛ لأنه قال فيه: والذي أَتَتِ الجراحُ على أكثرِ جسدِه ولا يستطيعُ مَسَّهُ بالماء، ثم ذكر بعد هذا أنه يَتيمم. واعتُرِضَ عليه بأن ما ذَكَرَه مِن قولِه: ولا يستطيعُ مَسَّه. ليس في المدونة، وهذا مِن المواضعِ التي تَعَقَّبَها عبدُ الحق عليه.
تنبيه:
قال أبو الفرج وابنُ عبد البر، وصاحبُ الإرشاد: جريحُ أكثرِ الجسدِ فَرْضُه التيممُ.
فرع:
فلو اغتسلَ أجزَأَه. نصَّ على ذلك المازريُّ في باب الصلاة، ونصَّ عليه صاحبُ الذخيرةِ، ولفظُه: ولو تحمل المشقةَ، وغسلَ الجميعَ أجزأَه؛ لأن التيممَ رخصةٌ، كما لو صَلّى قائماً مع مبيحِ الجلوسِ.
وكذلك نَصَّ اللخميُّ على أن المريضَ الذي يَخشى إن صام حصولَ عِلَّةٍ أو تأخيرَ بُرْءٍ على أنه إِنْ صامَ يُجزئُه، وكذلك قال المصنف في باب الظهار: ولو تكلفَ المعسرُ العِتْقَ جاز.
يعني: إذا كان حكمُه التيممَ، كما لو لم يبقَ له إلا يَدٌ أو رِجْلٌ، فَغَسَلَ اليدَ أو الرِّجْلَ، ومَسَحَ على الجبائرِ– لَمْ يُجْزِهِ ذلك لعدمِ إتيانِه بالأصلِ، ولا بالبَدَلِ. والتشبيهُ الذي ذكره المصنِّفُ هو لأبي بكر بن عبد الرحمن، ونقضَه ابنُ محرز بمَنْ كان بعضُ جسدِه جَريحاً، فإنه يَغْسل ما صَحَّ ويَمسحُ على الجِرَاحِ. ولو وجد الصحيحُ هذا القدرَ من الماء لم يَلْزَمْه استعمالُه.