ذَكَرَ هذه المسألةَ لأنها كالنقضِ لما قَدَّمَ؛ لأن التأخيرَ إنما يكونُ في الوقتِ المختارِ. والمغربُ لا حَظَّ لها في ذلك، إِذْ وقتُها مُقَدَّرٌ بفعلِها بعد تحصيلِ شروطِها، وهذه المسألة– والله أعلم– إنما هي مبنيةٌ على أن وقتَ الاختيار ممتدٌّ إلى مغيب الشَّفَقِ، وهو الظاهرُ. وسيأتي إن شاء الله تعالى ما في ذلك.
(ذُو التَّاخِيرِ) هو الراجي، و (قَدَّمَ) أي: في أول الوقت. وأَشْعَرَ بذلك لفظُه، إِذْ هو المتبادِرُ إلى الذِّهْنِ، ويدخلُ في كلامِه المتيقنُ للماءِ؛ لأنه صاحبُ تأخيرٍ.
وقد حكى ابن شاس في الراجي والمتيقنِ إذا قَدِمَا أولَ الوقتِ ثلاثةَ أقوالٍ: الإعادةُ في الوقتِ لابن القاسم، والإعادةُ أبداً، والتفصيلُ: فيُعيد المتيقنُ أبداً، والراجي في الوقت لابن حبيب.
ومِنْ ثَمَّ اعتُرِضَ على المؤلفِ في تقديمِ قولِ غيرِ ابنِ القاسمِ. ووجهُ احتمالِ المدونةِ للقولين أنه قال فيها: وإن كان على يقينٍ مِن إدراكِ الماءِ في الوقتِ أَخَّرَ الصلاةَ إلى آخِرِ الوقتِ، فإن تيمم في أولِ الوقتِ وصَلَّى– أَعَادَ الصلاةَ إن وَجَدَ الماءَ في الوقتِ.
فقوله:(فِي الْوَقْتِ) يحتمل أن يَكون ظَرْفاً للوجودِ أو للإعادِة، فإن كان للإعادةِ فلا احتمالَ، وإنما الاحتمالُ على جَعْلِه ظَرْفاً للوجودِ.