ابنُ العربي: ويَحْرُمُ عليه القَطْعُ. وخَرَّجَ اللخمي قولاً بالقَطْعِ من الأَمَةِ تَعْتِقُ وهي في الصلاةِ مكشوفةَ الرأسِ، والعريانِ يَجِدُ ثوباً وهو في الصلاة، ومَنْ ذَكَرَ صلاةً في صلاةٍ، والمسافرِ يَنوي الإقامةَ بَعْدَ ركعةٍ، ومَن صلى بقومٍ ركعةً من الجمعةِ فقَدِمَ والٍ فعَزَلَه؛ فإِنَّ في الجميعِ قَوْلاً بالقَطْعِ، وفيه نَظَرٌ، أما تخريجُه على الأَمَةِ والعُريانِ فلأنَّ [٣١/ب] المتيممَ دَخَلَ بِبَدَلٍ بخلافِهما، وأما تخريجُه على مَن ذَكَرَ صلاةً في صلاتِه– فإِنَّ مستندَ مَن قال هنا بالقَطْعِ قوله صلى الله عليه وسلم:"فإنما ذلك وقتُها". والوقتُ الواحدُ لا يُتصور إيقاعُ صلاتين فيه بخلافِ المتيمم؛ ولأن المَنْسِيَّةَ تَقَدَّمَ العِلْمُ بها، بخلافِ الماءِ، وأما تخريجُه على المسافرِ فلأنَّ الإبطالَ جاءَ مِن جهتِه بخلافِ المتيممِ، وأما تخريجُه على مسألةِ الوالي فلأنَّ القولين فيه مبنيان على أنَّ الاستنابةَ هل تَبْطُلُ بِنَفْسِ العَزْلِ أو لا تبطل إلا بوصول الثاني إليه؟ وهو قصدُ المُستنيبِ، إذ لا يَقْصِدُ إهمالَ أَمْرِ الناسِ مِن وقتِ وقوعِ العزل بخلافِ التيممِ، فإنه إنما جُعل نائباً عن الماء في القيامِ إلى الصلاةِ، بدليلِ قوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} ثم قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}[المائدة: ٦] والله تعالى أعلم.
وقوله:(فَإِنْ ذَكَرَهُ فِي رَحْلِهِ قَطَعَ) يعني: لتفريطِه، كذكرِه الرقبةَ بَعْدَ الصيامِ ناسياً، وحكى ابن راشد قولاً في المتيمم بالتمادي.
هذا راجع إلى قوله:(فإن وجده قبل الصلاة بطل) وإنما لم يَبْطُلْ تيممُ الباقين؛ لأن وجودَ الماء إنما يَبطلُ مع القدرةِ على الاستعمالِ، فإذا بادَرَ إليه أحدُهم فهو أَحَقُّ به، والباقون معذورون إِذْ ليس لهم قدرةٌ عليه.
وأمَا إِنْ أَسْلَمُوه اختياراً فقيل: يَبْطُلُ تيممُ كلٍّ منهم؛ لأن الماءَ شركةٌ بينهم، فالحكمُ فيه القُرْعَةُ، فإذا أسلموه فكأَنَّ كلَّ واحدٍ منهم مُسْلِمٌ لجميعِه؛ لجوازِ ملكِه له بالسهمِ.