لما كان المذهب في تفسير الصعيد الطيب بالطاهر – لزم أن يتيمم بكل ما ذكر. وإن كان قد وقع في تفسير الصعيد خلاف في اللغة، فالظاهر مذهب مالك – رحمه الله – لقوله صلى الله عليه وسلم:"جُعِلَتْ لي الأرضُ مَسْجِداً وطَهُوراً" أخرجه البخاري ومسلم.
والأرضُ لا تَخْتَصُّ بالترابِ، واستَدَلَّ مَن خَصَّصَ بالترابِ بما في الحديث الآخَرِ:"وجُعِلَتْ تُرْبَتُها لنا طَهُوراً". واعْتُرِضَ بمنعِ كَوْنِ التربةِ مرادفةً للترابِ، وادَّعَى أن تربةَ كلِّ مكانٍ ما فيه. وَلَوْ سُلِّمَ فهو مفهومُ لَقَبٍ، ولم يَقُلْ به إلا الدَّقَّاقُ، وَلَوْ سُلِّمَ فإنما يُعْمَلُ بالمفهومِ ما لم يُعارِضْه ما هو أقوى منه، وهَبْ أَنَّ هذا الحديثَ يدلُّ على التخصيصِ بالترابِ فالآخَر يَعُمِّ.
واشْتُرِطَ عَدَمُ الطبخِ؛ لأن الطبخَ يُخرجُه عن ماهِيَّةِ الصعيدِ. وفي المنتقى: ولا يَجُوزُ التيممُ بالجِيرِ، ويجيءُ عل قولِ ابنِ حبيب أنه يجوزُ التيممُ به. والأولُ أصحُّ، لأنه قد تَغّيَّرَ بالطبخِ عن جِنْسِ أصلِه. انتهى.
قيل: وأشار بقوله: (على قول ابن حبيب) إلى ما نَصَّ عليه ابنُ حبيبٍ، إذا كان الحائط آجُرّاً، أو حَجَراً، فاضطُرَّ إليه المريضُ فتيمم به لم تَكن عليه إعادةٌ؛ لأنه مضطرٌ.