يعني أن القيءَ على ثلاثةِ أقسام: إن كان باقيًا على هيئة الطعام لم يَحُلْ فهو طاهرٌ اتفاقًا. ابن عبد السلام: على أنه قلَّ أن يخلو مِن الأخلاطِ عادةً المحكومِ لها بالنجاسة. وحكى القرافي عن سند: إن المعِدَةَ عندنا طاهرةٌ لعِلَّةِ الحياةِ، والبلغمُ والصفراءُ، ومرائرُ ما يؤكل لحمه طاهرةٌ، والسوداءُ والدمُ نجسان. وهكذا نقل في قواعده في الفرق الرابع والثمانين أن السوداءَ والدمَ عند المالكية وغيرهم نجسان، والبلغمُ والصفراءُ طاهران من الآدمي وغيرِه، وإن شَابَهَ أحدَ أوصاف العَذِرَةِ فهو نجسٌ اتفاقًا، وإن لم يشابِه فظاهرُ المدونة أنه نجسٌ، وخالف في ذلك اللخمي، قاله ابن عطاء الله وابن هارون.
اعلم أن فضلة الحيوانات على قسمين: قسم منه لا مقر له يستقر به كالدمع، وهو محكوم له بالطهارة وقد تقدم. وقسم له مقر يَستحيل فيه، وهو على قسمين: قسم يستحيل إلى صلاحٍ كاللبن والبيض، وسيأتي حكمهما. وقسم يستحيل إلى فسادٍ كالدم والعذرة. أما الدم فالمسفوح - أي الجاري - نجس إجماعًا، وغيرُ المسفوح - كالجاري في العروق - نقل المصنف فيه طريقتين: الأولى: أنه طاهر بلا خلاف. والثانية: أن فيه قولين: أي قول بالطهارة، وقول بالنجاسة، وهذه طريقة ابن شاس. وأما الأُولَى فمل أَرَها لغيرِ المصنف؛ أعني الحكمَ بطهارته فقط لوجودِ الخلافِ، نعم القولُ بنجاستِه شاذٌّ، والْمَشْهُورِ الطهارة لقول عائشة رضي الله عنها: لو حُرِّمَ غيرُ المسفوحِ لتتبع الناس ما في العروق، ولقد كنا نطبخ اللحم على عهد رسوال الله صلى الله عليه وسلم والبُرْمَةُ تعلوها الصُّفرةُ.