وقوله:(كَأَكْلِهِ) أي في الأكل أيضاً الطريقان، وأفاد بالتشبيه الحكمَ، وقد يفعل المصنفُ مثل هذا في كتابه، أي يُشبه بشيء لإفادة الحكم وإن لم يتقدم له ذِكْرٌ، كما قال: ويسر كالإمام والمتفرد وسيأتي.
والمِسْكُ وفَارَتُه طاهران بإجماع الأُمة، نقله الباجي، لكن إنما حكاه المازري عن الجمهور، وحكى عن طائفة قليلة أنهم يقولون بالنجاسة. قاله في أول كتاب البيوع.
واعلمْ أنَّ الطريقَ عبارةٌ عن شيخ أو شيوخ يَرون أن المذهب كله على ما نقلوه، فالطرقُ عبارةٌ عن اختلافِ الشيوخِ في كيفيةِ نقلِ المذهبِ، والأوْلَى الجمعُ بين الطرق ما أمكن، والطريقةُ التي فيها زيادةٌ - راجحةٌ على غيرها؛ لأن الجميعَ ثقاتٌ، وحاصلُ دعوى النافي شهادةُ نفي.
وَدَمُ السَّمَكِ مِثلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ
أي: كسائر الدماء، مسفوحُه نجسٌ، وغيرُ مسفوحِه طاهرٌ، ومقابلُ الْمَشْهُورِ أنه طاهر مطلقاً، وهو قول القابسي، واختاره ابن العربي، قال: لأنه لو كان نجسًا لشرعتْ ذكاته. وجوابه منعُ تعليل الذكاة بما ذكره؛ لاحتمال مشروعيتها لإزهاق النفس بسرعة. وكأن المصنف إنما ذكر هذا الفرغ لإفادةِ الشاذِّ.
ظاهرُ قوله في المدونة: الدم كله سواء وأنه لا يُعفى عنه. والقول الآخر أنه مَعْفُوٌّ عنه، ولا خالف في نجاسةِ القيحِ والصديد، نقله ابن راشد.
فرع:
ألحق ابنُ القصار البرغوثَ بما له نفسٌ سائلةٌ لوجود الدم فيه، وألحقه سحنون بما لا نفس له سائلةً، ومنشأُ الخلافِ النظرُ إلى أصل الدم أو طُرُوِّه، قاله المازري. وفي الطراز: