إذا مات البرغوث أو القملة في الطعام - ألحقه ابنُ القصار بما له نفس سائلة، وخالفه سحنون ابن عبد البر، هذا إذا لم يكن فيهما دمٌ، فإن كان فيهما دمٌ وافق ابنُ عبد البر ابنَ القصار في التنجيس. وأكثرُ أصحابنا يقولون: لا يُؤكل طعامٌ مات فيه أحدُهما؛ لأن عَيْشَهما مِن دمِ الحيوان. ومنهم مَن قضَى بنجاسة القملة لكونها مِن دم الإنسان بخلافِ البرغوثِ فإنه مِن التراب، ولأنه وَثَّابٌ يعسر الاحترازُ منه.
فتحصل لنا فيهما أربعة أقوال. وذكر ابن عبد السلام في باب الصلاة أن الْمَشْهُورِ في القملة أنها مما لا نفس له سائلة.
يعني: أن البول والعذرة من الآدمي [٥/ ب] مطلقاً ذكرًا كان أو أنثى صغيرًا أو كبيرًا نجسان، ويستثنى من ذلك الأنبياء صلوات الله عليهم فإن الظاهر طهارة ما يخرج منهم لإقراره عليه الصلاة والسلام شاربةَ بولِه.
وقوله:(وَكَذَلِكَ الْمُبَاحُ الَّذِي يَصِلُ إِلَى النَّجَاسَةِ) أي: فكذلك ورثُ المباح الذي يأكل النجاسة وبولُه، وهذا مذهب المدونة.
وحكى ابن رشد في لبنِه وعرقِه وروثِه أربعةَ أقوال: أحدها: أن ذلك كله طاهر، وهو قول أشهب. الثاني: أن ذلك كله نجس، وهو قول سحنون. الثالث: أن الألبان طاهرة، والأعراق والأبوال نجسة. الرابع: أن الأبوال نجسة، والألبان والأعراق طاهرة.
وقوله:(وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ) المراد بالدواب الحمير، انظر هل أراد بنحوها البغال فقط، أو مع الخيل؟ ويعضد هذا الثاني قوله في المدونة: والخيل والبغال والحمير لا تشرب ألبانها، ولا تؤكل لحومها.