هذان القولان راجعان إلى أصل المسألة، يعني أن في بول الآدمي ثلاثةَ أقوالٍ: الْمَشْهُورِ النجاسةُ، والثاني: طهارةُ بول من لا يأكل الطعام، رواه ابن شعبان والوليد بن مسلم عن مالك. والطعام يحتمل أن يريد به لبن أمه، ويحتمل أن يريد به غير لبن أمه؛ لأنه الطعام عرفًا، والحديث الصحيح هو أنه صلى الله عليه وسلم أُتي بصبي صغير لم يأكل الطعام، فأجلسه في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله.
قال الباجي وغيره: يحتمل الوجهين؛ لأنهم كانوا إذا وُلِدَ لهم مولودٌ أتوا به النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليدعو له، ويتفلَ في فِيهِ لكون ذلك أولَ شيءٍ يَدخل في جوفه.
ويؤخذ من كلامه في الاستذكار أن المرادَ بالطعامِ الطعامُ المعتاد، فإنه قال: أجمعوا على أن بولَ كلِّ صبي يأكلُ الطعامَ نجسٌ، واختلفوا في بول الصبي والصبية اللذين يرضعان ولا يأكلان الطعام. ثم ذكر الخلافَ، واقتصر ابنُ بطال على أن المراد بالطعام اللبن.
والقول الثالث لابن وهب أنه يغسل بول الأنثى، وينضح بول الغلام، كذا نقله في الإكمالِ وكذا نقله بعض من تكلم على التهذيب، ولم يتحقق ابنُ عبد السلام نضحَ بول الغلام عن ابن وهب، وهذا الخلافُ إنما هو في بوله، وأما عذرتُه فنجسةٌ باتفاق.
أي: البولُ والعذرةُ من مباح الأكل طاهران؛ لطوافه صلى الله عليه وسلم بالبعير، ولتجويزه صلى الله عليه وسلم الصلاة في مرابض الغنم، رواه مسلم.
ومقتضى كلام المصنف أن الْمَشْهُورِ في بول المكروه أنه مكروهٌ لتصديره به، وعطفه عليه بقيل. وقال ابن عطاء الله: هذا مذهبُ العراقيين. وكذلك قال اللخمي. فالْمَشْهُورِ أن ذلك نجس، وهو ظاهر المدونة، ووجهه أن مقتضى القياس أن تكون الأرواثُ والأبوالُ