ونقل التونسي عن ابن حبيب أنه قال: وسط الوقت هو بلوغ الظل إلى ربع القامة.
التونسي: وإنما يجب أن يكون وسط الوقت نصف ظل القائم إلا أن يكون ذلك عند الزوال لبطء حركة الشمس. انتهى.
ونقل ابن أبي زيد مثل ما قاله التونسي أن وسط الوقت نصف القامة، وعن غيره أنه الثلث لبطء حركة الشمس عند الزوال وسرعتها بعد ذلك، فإذا قلنا بالتأخير للإبراد فما حده؟ نقل المازري عن بعض الأشياخ إلى نحو الذراعين. وقال محمد بن عبد الحكم: يؤمر بالتأخير، لكن لا يخرج عن الوقت. فأشار إلى أن الإبراد لا ينتهي إلى آخر الوقت.
قال المازري: والأصح عندي مراعاة قوة حر اليوم وحر البلد. انتهي.
وفهم المازري أن قول ابن عبد الحكم مخالف للذراعين، وكذلك فهم شيخه اللخمي، وفهم الباجي أنه مثله، فإنه قال: وقت التأخير للإبراد يصح أن يكون إلى نحو الذراعين. وقد فسر أشهب ذلك في المجموعة، وذلك لأنه قال: ويبرد في الحر بالجماعة، ولا يؤخر إلى آخر وقتها. انتهى بالمعنى.
تنبيهان:
الأول: ما ذكره المصنف من اختصاص التأخير إلى ذراع بالجماعة خلاف لما رواه ابن القاسم على ما قاله ابن عبد البر، لكن قال صاحب البيان في الجامع السادس أن ما ذكره ابن عبد البر حمله على المدونة، قال: وليس حمله بصحيح. وخص صاحب البيان الخلاف الذي في إبراد المنفرد بالصيف، ولا يبرد المنفرد في الشتاء اتفاقا.
الثاني: إذا تقرر ما قاله الباجي من أنه إنما تكلم في المدونة على التأخير لأجل الجماعة، ولم يتكلم على الإبراد، وتقرر عندك ما نص عليه الشيوخ الذين ذكرتهم من استحباب الإبراد، علمت أن قول ابن راشد وابن هارون ظاهر المدونة أنه لا يزاد على الذراع ليس بحيد؛ لأنه في المدونة لم يتكلم على الإبراد بشيء.