وخالفه غيره ورأى أن المنع يتصور في المسألة وإن نقد، لأنه يقدر أنه اشترى الحمار بتسعة على أن أسلفه قابضها العاشر إلى الأجل.
فإن كانت الزيادة من البائع جاز مطلقاً
أي: وإن استرد البائع الحمار الذي باعه على أن دفع البائع للمشتري زيادة وأخذ الحمار جاز مطلقاً، سواء كانت البيعة الأولى نقداً أو إلى أجل، كان المزيد من جنس الثمن أو لا.
إلا أن تكون مؤجلة من صنف المبيع فيمتنع، لأنه سلف بزيادة
أي: إلا أن تكون تلك الزيادة حماراً مؤجلاً، وهو مراده بقوله:(من صنف المبيع فيمتنع) وعلل المنع بسلف بزيادة، أي: يعد المشتري كأنه أسلف البائع حماراً يقضيه منه إلى أجل على أن أسقط البائع عنه العشرة التي له في ذمته، وهذا سلف بزيادة.
ويفسخ الثاني من بيوع الآجال باتفاق دون الأول على الأصح
يعني: إذا وقعت بياعات الآجال على الوجه الممنوع، كما لو باعها بعشرة إلى شهر ثم اشتراها بثمانية نقداً، فقال المصنف، والمازري: يفسخ البيع الثاني باتفاق. أي: إذا كانت السلعة قائمة، كما يدل عليه كلامه بعد. فإن قيل: ففي الاتفاق نظر، لأن اللخمي حكى عن ابن عبدوس أنها لا تفسخ، ولكن لا يكون للمشتري الثاني- وهو البائع الأول- إذا حل الأجل الأول إلا ما خرج من يده. قيل: قد نازعه المازري في نقل هذا القول هكذا، وقال: الذي نقله غيره من هذا القول أنه يمنع من رد المبيع من يد مبتاعه الأخير بشرط أن يفوت، فيحتمل أن يقول كقوله بإمضاء البيعتين مع الفوات، كما سيأتي.
وقوله:(دون الأول على الأصح) هو قول ابن القاسم في المدونة، لأن الفساد إنما دار مع الثاني وجوداً وعدماً، وبالقياس على اقتضاء الطعام من ثمن الطعام وشبهه.