ومقابله لابن الماجشون فسخ البيعتين، قال: إلا أن يصح أنهما لم يتعاملا على العينة، إنما وجدها تباع فابتاعها بأقل من الثمن، فتفسخ البيعة الثانية فقط.
ووجهه: أن الفساد إنما حصل من مجموع البيعتين، لاتهامهما أنهما قصدا دفع القليل في الكثير، ولأنه ظاهر قول عائشة- رضي الله عنها- فقد روى مالك عنها: أن محبة- أم ولد لزيد بن أرقم- ذكرت لعائشة- رضي الله عنها- أنها باعت من زيد عبداً بثمانمائة إلى العطاء، ثم ابتاعته بستمائة نقداً. فقالت عائشة: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت، أبلغي زيداً أن قد بطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب. فقالت لها: أرأيت إن تركت المائتين وأخذت ستمائة؟ فقالت: نعم {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}[البقرة:٢٧٥] وظاهره فسخ البيعتين. ورواه بعضهم:(بئس ما شريت، أو بئس ما اشتريت) على الشك من الرواي.
وفي هذا الخبر دليل على المنع فيما قلناه من هذه البياعات. أبو محمد: ولم تطلق عائشة ما قالت إلا وتحريم ذلك عندها مقرر.
ابن يونس: يريد أن ذلك لا يعلم قياساً، وإنما يعلم من طريق التوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم. وقول من قال أصحابنا: لعلها إنما قالت ذلك لوقوع البيع إلى العطاء وهو مجهول ليس بظاهر، لأن المنقول عن عائشة- رضي الله عنها-[٤٦٥/ب] جواز البيع إلى العطاء، ولأن آخر الآثار ينافيه.
وضعف بعض الشيوخ هذا الخبر لما فيه من قولها:(أبطل جهاده) وظاهره إبطال الذنوب للأعمال، وهو خلاف كتاب الله، وحديث نبيه صلى الله عليه وسلم، ومذهب جماعة أهل السنة.