عياض: ووجه تأويل قولها عندي- على موضوع كلام العرب ومجاز لفظها- أنها رأت أن مقارفة هذا الذنب من مثله والاقتداء به فيه، واقتداء من يأتي بعده بفعله ويجعله حجة بين الله وبينه، مما يرجح مجموع هذا في الميزان على جهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن فاتت في يد المشتري الثاني والقيمة أقل، فسخاً على الأصح
الفوات هنا يكون بحوالة السوق وغيرها كما في البيوع الفاسدة، ونص عليه سحنون هنا. وقيل: لا تفيتها حوالة سوق وإنما تفيتها العيوب المفسدة أو ذهاب عينها. ونقل أيضاً عن سحنون، وابن كنانة، وإليه ذهب التونسي وغيره. يعني: فإن فاتت بيد البائع الأول- وهو المشتري الثاني- وكانت قيمتها أقل من الثمن الأول- كما لو كانت قيمتها ثمانية والثمن الأول عشرة- فسخت البيعتان معاً، ويكون للبائع على المشتري الثمن الذي دفع إليه. وعبر بعضهم عن الأصح بالمشهور، ووجهه: أنا لو فسخنا الثانية خاصة لزم دفع القيمة معجلاً وهي أقل، ثم يأخذ عند الأجل أكثر، وهو عين الفساد الذي منعنا منه ابتداء، بخلاف ما إذا لم تفت كما تقدم، أو فاتت وكانت القيمة مساوية للثمن الأول أو أكثر، فإنا إذا فسخنا الثانية بقيت الأولى على حالها فلا يلزم محذور، وهذا الأصح من مذهب ابن كنانة وسحنون. وتأول ابن أبي زمنين مذهب ابن القاسم عليه.
والذي نقله اللخمي والمازري وغيرهما عن ابن القاسم فسخ البيعتين مع الفوات مطلقاً، لأن البيعتين لما ارتبطت إحداهما بالأخرى صارتا في معنى العقد الواحد.
وصرح ابن شاس بأنه المشهور. وعلى هذا ففي المسألة ثلاثة أقوال، ولابن مسلمة رابع بفسخ البيعة الثانية مع القيام، فإن فاتت السلعة مضت البيعتان، للخلاف في جواز هذه البيوع ابتداء. ويفهم من تقييده الفوات بأن تكون بيد المشتري أنها لو فاتت في يد المشتري الأول لفسخت الثانية خاصة، وهو اختيار الباجي، قال: ولم أره نصاً