لما فرغ من بيوع الآجال التي لا تخص أحداً أعقبها ببيع أهل العينة، لاتهام بعض الناس فيها.
والعينة: بكسر العين، وهي فعيلة من العون، لأن البائع يستعين بالمشتري على تحصيل مقاصده. وقيل: من العناء وهو تجشم المشقة. وقال عياض: سميت بذلك لحصول العين وهو النقد لبائعها، وقد باعها بتأخير.
مثل: اشتر لي هذه وأربحك. فإن سمى الثمن وأوجب البيع إلى أجل فسلف جر منفعة ....
أي: فإن قال له: اشتر لي وأنا أربحك وسمى الثمن، كما لو قال: اشتريها لي بعشرة وأنا أشتريها باثني عشر إلى أجل فإنه لا يجوز، لأنه سلف جر منفعة. ولا فرق بين أن يقول: اشتر لي وأربحك، أو اشتر وأربحك في هذا. نعم بين الصيغتين فرق من وجه آخر سيأتي.
وإن كان نقداً فقولان: يجوز بجعل المثل، ويمنع
أي: وإن كان الثمن الذي أوجباه به البيع نقداً، مثل: اشتر لي سلعة كذا بعشرة وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً، ففيها قولان، أحدها: الجواز، ويكون للمأمور جعل المثل. والثاني: المنع، لأنه من بيع ما ليس عندك. وتبع المصنف في هذه المسألة ابن بشير، وابن شاس. والصواب جوازها إن كان النقد من الآمر، أو منم المأمور بغير شرط، لأنه لما قال له: اشترها لي ولك كذا، فقد استأجره بدينارين على اشتراء السلعة. وإن كان النقد من المأمور بشرط فإجارة فاسدة، لأنه استأجره بدينارين على أن يبتاع له السلعة ويسلفه ثمنها من عنده، هكذا نقله ابن رشد، وابن زرقون وغيرهما.