أحدهما - وهو الأقرب -: أنهم جعلوا المسلم فيه هنا كالحال، ولهذا أجازوا فيه تأخير رأس المال، وأبطلوا بقيته بموت المسلم إليه.
ابن القاسم: ولو كان سلماً لأخذ من تركته.
والثاني: أنه لما كان الغالب من الصانع الذي هذا شأنه تحصيل ما أسلم إليه، ولا يعوزه وجوده كما لا يعوز غيره، صار وجوده عنده كالنقد بالنسبة إلى جميع الناس، فكما يجوز البيع بالعين على الحلول كذلك، فلفظ النقد على الثاني مستعمل في الدنانير والدراهم، وفي الأول مستعمل في مقابلة الأجل، وروي عن مالك أنه لا يجوز تأخير رأس المال في هذه المسألة، ورآه من باب الدين بالدين، واختلف لو نقد أكثر هل للمشتري مقال في الفسخ كاستحقاق الأكثر أولا مقال له في رد القليل المقبوض كالجائحة؟ وعلى أنه لازم في المقبوض وحده فاختلف هل تقع المحاسبة فيما قبض على مقدار ما لم يقبض من غير نظر إلى الزمان، أو إنما ينظر إلى قيمة ما شرط قبضه باعتبار زمانه؟ فقد يكون الربع المقبوض أولاً مساوياً لقيمة النصف، وهو الأظهر، والله أعلم.
وذكر المصنف أن اللخمي استقرأ من هذه الصور جواز السلم الحال، وقد تقدم ما يرد هذا الاستقراء؛ لأنه إنما أجيز هذا لتيسيره عليهم بخلاف غيرهم.
تنبيه:
وأما القسم الثاني وهو ألا يكون مستديم العمل فقال ابن بشير: قد أعطوه حكم السلم وأجازوه للضرورة، وقال: يشترط أن يكون أصل المسلم فيه يبقى إلى أجل السلم فأبعد، ويقدم رأس المال، فإن تعذر شيء من المسلم فيه تعلق بالذمة.