للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ لِئَلاَّ يِكُونَ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ إِلَى أَجَلٍ

وحقيقة الذمة أمر تقديري يفرضه الذهن وليس بذات ولا صفة لها، فيقدر المبيع وما في معناه كأنه في وعاء عند من هو مطلوب به، فالذمة هي الأمر التقديري الذي يجري ذلك المبيع أو عوضه مجراه، أي ولا يجوز بيع معين يتأخر قبضه؛ لأنه إن لم يكون في ملك البائع، فالغرر ظاهر، وإن كان في ملكه فبقاؤه على تلك الصفة غير معلوم؛ لأنه يلزم منه الضمان بجعل؛ لأن المسلم يزيد في الثمن ليضمنه له المسلم إليه، ولأنه إن لم ينقد الثمن اختل شرط السلم، وإن نقده كان دائراً بين الثمن إن لم يهلك والسلف إن هلك.

فإن قيل: من البياعات ما يجوز بيعه على أن يقبضه المشتري بعد شهر فلم لا أجيز هنا كذلك؟ قيل: هذا إنما هو في [٥٠١/ب] البيع، وكلامنا في السلم.

فإن قيل: قد أجاز ابن القاسم كراء الدابة المعينة تقبض بعد شهرين، ويلزم عليه جواز السلم في معين إلى أجل.

قيل: الفرق أن الدابة المعينة ضمانها من المبتاع بالعقد أو التمكن، فإذا اشترط تأخيرها كان ضمانها من البائع، فيلزم ضمان بجعل، بخلاف منافع العين فإن ضمانها من ربها، فلم يشترط إلى ما وجب عليه.

الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَقْدُوراً عَلَى تَحْصِيلِهِ غَالِباً وَقْتَ حُلُولِهِ؛ لِئَلاَّ يَكُونَ تَارَةً سَلَفاً وَتَارَةً ثَمَناً ....

قوله: (غَالِباً) أي: فلا يعتبر عدمه نادراً؛ لأن الغالب في الشرع كالمحقق.

وقوله: (وَقْتَ حُلُولِهِ) إشارة إلى أنه لا يشترط وجوده قبل ذلك، وعلى هذا فيجوز السلم فيما له إبار، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد خلافاً لأبي حنيفة رضي الله عنه في اشتراط وجوده من حين أسلم فيه إلى حسن وجوده؛ لاحتمال الموت والفلس، ولم يعتبر

<<  <  ج: ص:  >  >>