عبد السلام في جعل الحبس من أحكام المفلس نظر؛ لأن المفلس يجب إنظاره من غير حبس [٥٢٧/أ] ليس بظاهر.
ويُحْبَسُ الْمُعَانِدُ والْمَجْهُولُ الْحَالِ
يحتمل أن يريد بالمعاند معلوم الملاء، ويحتمل أن يريد من هو ظاهر الملاء، وللغريم ثلاثة أحوال: مليء، ومجهول الحال، ومعدم. والمليء ينقسم إلى قسمين المشار إليهما؛ أعني: معلوم الملاء، وظاهر الملاء، ولنتكلم على كل واحد.
فأما معلوم الملاء: فمثلوه بأن يأخذ أموال الناس ويقعد للتجارة ثم يدعي ذهابها، ولم يظهر ما يصدقه من احتراق منزله أو سرقة أو نحوها، فيحبس حتى يؤدي أموال الناس أو يموت في السجن.
سحنون: ويضرب بالدِّرَّةِ المرة بعد المرة، ولو أدى إلى إتلاف نفسه حتى يؤدي أموال الناس. ابن رشد: وليس بخلاف. قال مالك: يضرب الإمام الخصم على اللَّدَدِ، وأيُ لدَدٍ أعظم من هذا.
عياض: ولا يؤخذ منه حميل، إلا أن يلتزم الحميل دفع المال، والصواب لا يؤخر ساعة إن عرف بالناض، وإن لم يعرف به، فقالوا: يؤخر مقدار ما يبيع عروضه فيحبسه على ظاهر الروايات وعند أكثر الشيوخ. وقال غيره: لا يؤخر ويباع عليه لحينه، واختلاف هل يحلف على إخفاء الناض إذا لم يكن معروفاً به، فقال ابن دحون: يحلف، وقال أبو علي: لا يحلف. قال ابن زرب: إن كان من التجار حلف وإلا فلا، وهو على الخلاف في يمين التهمة.
واختلف هل يؤخذ من هذا حميل بالمال أو يسجن حتى يبيع؟ أما إن كان صاحب العرض مُلِدَّاً وسأل التأخير إلى بيع عروضه، وسأل أن يعطى حميلاً حتى يبيعها؛ ففيه خلاف