أيضاً، ذهب كثير منهم إلى أنه يلزمه حميل بالمال في رواية أبي زيد عن ابن القاسم، ونحوه فيمن عرف له مال غائب ليس عليه حميل، إلا أن يخشى عليه أن يموت أو يغيب عنهم.
ابن عتاب: وهي رواية ضعيفة، وذهب معظم الشيوخ إلى أنه يعطى حميلاً بالمال إلى أن يباع أو يسجن، ونحوه لسحنون في كتاب ابنه.
قال أبو بكر بن عبد الرحمن: وليس للإمام أن يبيع عليه عروضه كما يبيعها على المفلس؛ لأن المفلس قد ضرب على يديه ومنع من ماله.
ابن عبد السلام: وإذا علم يساره وجهل القاضي كونه من أهل الناض كلفه إثبات البينة بذلك، فإن أثبت أُجِّلَ في بيع عروضه. قالوا: ويؤجل في بيع ربعه إن لم يكن له غيره نحو الشهرين، ويعطي حميلاً بالمال عند أكثر الشيوخ. وقال ابن مالك: بل بالوجه. وقال سحنون: لا يلزمه حميل. وأما مَنْ ظاهره الملاء ولم يعلم ملاؤه ولكن يتهم على إخفاء المال، فقال سحنون وغيره: يسجن حتى يتبين أمره. سحنون: ولا يؤخذ منه حميل، وفهموه على أنه يريد حميل الوجه، وإن طلب أخذ الحميل منه ليخرج في طلب منافعه ويرجع إلى السجن؛ فإن عجز أخذ منه. واختلف في قول ابن القاسم وسحنون، فقيل: خلاف، وقيل: وفاق. فيحمل قول سحنون على أنه ملد ظاهر الملاء، وقول ابن القاسم على غيره. وأما مجهول الحال فيحبس ليُستبرَأ أمره، قاله مالك في الموازية، وقد اختلف فيما يحمل عليه حال هذا المجهول على ثلاثة أقوال.
اللخمي: وهو المعروف من المذهب أن يحمل الغريم على اليسر من غير اعتبار لحاله، ولا للسبب الموجب للدين. وقال مالك في المبسوط: إنه يحمل على العدم حتى يقوم دليل بملائه؛ أنه قال: لا يحبس إلا التاجر. وقيل: إن كان الحق عن عوض فهو على الملاء، وإن كان عن غيره كنفقة الأب والابن فهو على العدم، قاله ابن القاسم وأشهب وابن كنانة وسحنون، واختلف على هذا القول هل ذلك إذا كان العوض مما يتملك أم لا؟