فحمل ابن القاسم وأشهب ذلك محملاً واحداً. وقال ابن كنانة وسحنون: إن كان العوض مما يتملك ويتمول فهو محمول على الملاء، وإن كان مالاً يُتمول كالصداق الذي هو عوض ما لا يتمول، وكأرش الجراح فهو محمول على العدم، وسيأتي الكلام على المعدم.
أي: سأل مجهول الحال، وهو الظاهر، ويحتمل عوده عليه وعلى أحد قسمي المعاند؛ أعني: ظاهر الملاء، وفيه بُعْدٌ، لعود الضمير على بعض المعاند، إلا أن يقال: إنه لم يرد بالمعاند إلا ظاهر الملاء، لكن يبقى فيه بُعْدٌ لوجه آخر، وهو أنه قد يكون ترك النص على معلوم الملاء، ولا يصح أن يعود الضمير في سأل على معلوم الملاء؛ لأنه لا يؤخذ منه حميل كما تقدم.
وفي كلام المصنف ما ينبِّئ عنه، ويتبين له ذلك بذكر حكم المجهول وظاهر الملاء.
أما مجهول الحال؟ فظاهر المدونة يحبس قدر ما يتلوم من اختبار حاله، أو يأخذ عليه حميلاً.
عياض: ولم يبين هل بالوجه أو بالمال؟ والصواب أن يكون بالوجه، هكذا نص عليه أبو عمران وأبو إسحاق وغيرهما من القرويين والأندلسيين، ولا يقتضي النظر غيره؛ لأن هذا لم يثبت أنه مليء ولا غَيَّبَ مالاً، ولكن يسجن استظهاراً لكشف حاله، فإذا أعطى حميلاً إلى مدة الانكشاف؛ توصل بذلك إلى الكشف كما يتوصل بالسجن، فإن ظهر وجه الشدة عليه أمكنا منه الحميل. وحكى اللخمي عن سحنون: أنه لا يقبل ممن يسجن ليثبت فقره حميل ليسعى في مصالحه خلاف لابن القاسم. قال: وقول ابن القاسم أحسن، إلا أن يكون معروفاً باللدد. قال: وإذا أخذ الحميل منه، فإن لم يحضر غرم المال؛ لأجل اليمين اللازمة له إذا أحضره، وإن أحضره عند الأجل ولم يظهر له مال حلفناه وسرحناه، فإن لم يأتِ بحميل إلا إلى دون ما ينكشف حاله فيه؛ فإنه يقبل