بمال، ثم ذكر المصنف أن الصلح على الأمرين جائز حكمه؛ أي جائز في ظاهر الحكم، ولا يحل للظالم فيما بينه وبين الله تعالى أن يأخذ ما لا يحل له، والمذهب جواز الصلح على الإنكار وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد لعموم الحديث المتقدم خلافاً للشافعي وابن الجهم من أصحابنا.
فقول المصنف:(جَائِزٌ) خبر عن قوله: (وَالصُّلْحُ)، وهو واضح.
ابن هشام: وإن علم المدعى عليه ببراءته وطلبت منه اليمين فليحلف، لا يصالح على شيء من ماله وإن صالح أثم من أربعة أوجه:
لأنه أذل نفسه، وقال عليه الصلاة والسلام:«أذل الله من أذل نفسه». الثاني: أنه أطعمه ما لا يحل له. الثالث: أنه أضاع ماله، وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن ذلك. الرابع: جرأه على غيره كما جرأه على نفسه.
ومراد المصنف أن الصلح على الإنكار جائز من حيث الجملة وإلا فلجوازه شروط، وقد أهملها المصنف، فشروطه عند مالك ثلاثة؛ وهي: أن يجوز على دعوى المدعي، وعلى إنكار المنكر، وعلى ظاهر الحكم، وابن القاسم يشترط الأولين فقط، وأصبغ يشترط شرطاً واحداً؛ وهو ألا تتفق دعواهما على فساد؛ فلو ادعي على رجل دراهم وطعام من بيع واعترف البائع بالطعام وأنكره الدراهم فصالحه على طعام مؤجل أكثر من طعامه، أو اعترف له بالدراهم فصالحه على دنانير مؤجلة أو دراهم أكثر من دراهمه، فحكى ابن رشد الاتفاق على فاسده وفسخه لما في ذلك من السلف بزيادة، والصرف المؤخر، وإن ادعى عليه غيره عشرة دنانير فأنكره، فأراد أن يصالحه عنها بدراهم إلى أجل فهذا ممتنع على دعوى المدعي؛ إذ لا يحل له أن يأخذ في دنانير دراهم إلى أجل، وجائز على دعوى المدعى عليه؛ إذ إنما صالح عن يمين وجبت عليه فيمتنع ذلك عند مالك وابن القاسم؛ لأن من شرطه عندهما أن يجوز على دعواهما معاً، وهذا لا يجوز على دعوى المدعي.