وأجازه أصبغ؛ إذ لم تتفق دعواهما على فساد، وكذلك لو ادعى عليه عشرة أرادب من قرض فقال المدعى عليه: بل لك عندي خمسة من سلم، فأراد أن يصالحه على دراهم ونحوها معجلة، فهو جائز على دعوى المدعي؛ لأن طعام القرض يجوز بيعه قبل قبضه، ولا يجوز على دعوى المدعى عليه؛ لأن طعام السلم لا يجوز بيعه قبل قبضه، فهذا أيضاً يجيزه أصبغ، ويمنعه مالك وابن القاسم، ولو ادعى عليه مائة درهم وأنكره فصالحه على خمسين إلى أجل، أو على تأخير جميعها فهذا جائز على دعوى كل منهما؛ لأن المدعي يقول: حططت وأخرت فأنا محسن، والمدعى عليه يقول: افتديت من يمين وجبت عليَّ، وظاهر الحكم أن فيه سلفاً جر منفعة فالسلف هو التأخير والمنفعة هي سقوط اليمين المنقلبة على المدعي بتقدير نكول المدعى عليه أو حلفه فيسقط جميع المال، فهذا ممنوع عند مالك لاشتراطه الجواز في ظاهر الحكم، وأجازه ابن القاسم؛ لأنه لم يعتبر هذا الشرط، ولا إشكال في جوازه على قول أصبغ.
ابن محرز: وإن وقع الصلح على السكوت من غير إقرار ولا إنكار فإنه يعتبر فيه حكم المعاوضة في الإقرار، ويعتبر فيه على مذهب مالك الوجوه الثلاثة التي بيناها في الإنكار.
اللخمي: واختلف في الصلح الحرام والمكروه إذا نزل، فقال مطرف في كتاب ابن حبيب: إذا كان الصلح حراماً صراحاً فسخ أبداً، فيرد إن كان قائماً والقيمة إن كان فائتاً، وإن كان من الأشياء المكروهة مضى، وقال ابن الماجشون: إن كان حراماً فسخ أبداً، وإن كان مكروهاً فسخ بحدثان وقوعه فإن طال أمره مضى، وقال أصبغ: يجوز حرامه ومكروهه وإن كان بحدثان وقوعه.